ليلاً، فأخبر بذلك عبداً كان يرعى معه. فقال له صاحبه: يا يسار كل من لحم الحوار، واشرب
لبن الغزار، وإياك وبنات الأحرار. فلم يسمع منه. وأتى مولاته لوعدها، وقد أعدّت له موسى، فلما
دخل عليها، قالت له: إني أريد أن أدَخّنك، فإنك منتن الريح. قال: افعلي ما بدا لك. ثم أدخلت تحته
مجمرة، وقبضت على مذاكيره، فبترتها. فلما وجد حر الحديد قال: "صبراً على مجامرِ الكِرام" فذهبت
مثلاً. قال اليربوعي: إنه لمّا دخل عليها قالت له: إني أريد أن أطيّبك، فإن كنت تجزع، فاخرج عني.
قال: ستجدينني صبوراً. فجدعت أنفه وأذنيه. وقطعت شفتيه. فلما نظر صاحبه إلى ما صنعت به،
قال: ويحك يا يسار، أمقبل أم مدبر. قال: اجعل أنف ليس، وأذنين ليس، وشفتين ليس، بصيص
عينين لا تبصر.
ولوْ قَبِلوا منّي عَطيّةَ سُقتُهُ ... إلى آل زيقٍ مِنْ وَصيفٍ مُقاربِ
هُمُ زَوّجوا قبلي ضِراراً وأنكحوا ... لقيطاً وهمْ أكفاؤنا في المَناسِب
ولو تنكحُ الشمسُ النجومَ بَناتِها ... إذا لَنَكحناهُنّ قبل الكَواكِبِ
يقول: لو أن الشمس زوّجت بناتها من النجوم، لتزوجناهن نحن في شرفنا. وهذا مثل ضربه.
وما استَعْهَدَ الأقوامُ من زوجِ حُرّة ... مِنَ الناسِ إلا منكَ أو مِنْ محُارِب
قوله استعهد اشترط. قال: والعرب تقول استعهد من صاحبك أي اشترط عليه.
لعلكَ في حَدراء لمتَ على الذي ... تخَيرّت المِعزَى على كُلّ حالِبِ
ويروى كأنك في حدراء، أراد كالذي تخيرته المعزى.
عطِيّةَ أوْ ذي بُردَتَينْ كأنهُ ... عطيّةُ زوج للأتان وراكِبِ
رد عطية على الذي. ويروى أو ذي شملتين. وقوله الذي تخيّرت