هذا اضطراب من شعبة، لأنَّا نقول: قد رواه جماعة من أصحاب قتادة عنه باللفظين، فأخرجه البخاري في "جزء القراءة"، وأبو داود وابن ماجه من طريق أيوب، وهؤلاء والترمذي من طريق أبي عوانة، والبخاري في "جزء القراءة" وأبو داود من طريق هشام الدستوائي، والبخاري فيه وابن حبان من طريق حماد ابن سلمة، والبخاري فيه والسراج من طريق همام كلهم عن قتادة باللفظ الأول، وأخرجه مسلم من طريق الأوزاعي عن قتادة؛ بلفظ:"لم يكونوا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ".
وقد قدح بعضهم في صحته؛ يكون الأوزاعي رواه عن قتادة مكاتبة وفيه نظر؛ فإنَّ الأوزاعي لم يتفرد به، فقد رواه أبو يعلى عن أحمد الدورقي، والسراج عن يعقوب الدورقي، وعبد الله بن أحمد بن عبد الله السلمي ثلاثتهم عن أبي داود الطيالسي عن شعبة؛ بلفظ:"فلم يكونوا يفتتحون القراءة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} " قال شعبة: قلت لقتادة: سمعته من أنس؟ قال: نحن سألناه، لكن هذا النفي محمول على ما قدمناه، أن المراد: أنه لم يسمع منهم البسملة، فيحتمل أن يكونوا يقرؤونها سرًّا، ويؤيده رواية من رواه عنه بلفظ:"فلم يكونوا يجهرون بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} "، كذا رواه سعيد بن أبي عروبة عن النسائي وابن حبان، وهمام عند الدارقطني، وشيبان عن الطحاوي وابن حبان، وشعبة أيضًا من طريق وكيع عنه عند أحمد، أربعتهم عن قتادة، ولا يقال: هذا اضطراب من قتادة؛ لأنا نقول: قد رواه جماعة من أصحاب أنس عنه كذلك، فرواه البخاري في "جزء القراءة" والسراج وأبو عوانة في صحيحه من طريق إسحاق بن أبي طلحة، والسراج من طريق ثابت البناني، والبخاري فيه من طريق مالك بن دينار، كلهم عن أنس باللفظ الأول، ورواه الطبراني في "الأوسط" من طريق أبي نعامة كلهم عن أنس باللفظ الثاني للجهر، فطريق الجمع بين هذه الألفاظ، حمل نفي القراءة على نفي السماع، ونفي السماع