للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصاة، فإنَّ ظهور معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلام، ومثل هذا لو جاء تائبًا نادمًا، وأقر بحد لم يفسره، لم يطلب منه أنْ يفسره، بل يؤمر بأنْ يرجع ويستر نفسه؛ فقد جاء في الحديث عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم" [أخرجه أبو داود (٤٣٧٥) والنسائي (٤/ ٣١٠) من حديث عائشة].

الثاني: من كان مشتهرًا بالمعاصي، معلِنًا بها، ولا يبالي بما ارتكب منها، ولا بما قيل له، هذا هو الفاجر المعلن، وليس له غيبة، كما نصَّ على ذلك الحسن البصري، وغيره.

ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره؛ لتقام عليه الحدود، وصرَّح بذلك أصحابنا؛ واستدلوا بقول النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "واغدُ يَا أُنيس إلى امرأة هذا، فإنْ اعترفت فارجمها" [رواه البخاري (٦٨٥٩) ومسلم (١٦٩٨)].

ومثل هذا لا يشفع له إذا أخذ، ولو لم يبلغ السلطان، بل يترك حتَّى يقام عليه الحد، فيكشف ستره، ويرتدع به أمثاله.

قال مالك: من لم يعرف منه أذًى للنَّاس، وإنَّما كانت منه زلَّة، فلا بأس أنْ يشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأمَّا من عُرِفَ بشرٍّ، أو فسادٍ، فلا أحب أنْ يشفع له أحد، ولكن يترك حتَّى يقام عليه الحد، حكاه ابن المنذر وغيره.

الرَّابعة: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه":

فمن كان في حاجة أخيه، فالله تعالى في حاجته بالتيسير والتسهيل والإعانة، وهو وعدٌ صادق من الله تعالى؛ فقد أخرج الطبراني في الأوسط (٥/ ٢٠٢) من حديث عمر مرفوعًا: "أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن، كسوت عورته، أو أشبعت جوعته، أو قضيت حاجته".

قال مجاهد: "صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدمني".

<<  <  ج: ص:  >  >>