إثباتًا، أكَّده بالحلف بأعظم ما عنده من معظَّم، فما زال النَّاس منذ أقدم الأزمان يعتقدون أنَّ المحلوف به له تسلطٌ على الحالف يقدر على نفعه وضرِّه بالأسباب الطبيعية، وبما فوق الأسباب الطبيعية، فإذا أوفى الحالف بما حلف، يرضى المحلوف به، وينفعه، وإنْ لم يرض، يضره، ومن هذا صار الحلف بغير الله تعالى أو بغير صفاته شركًا بالله تعالى.
٢ - وفي الحديث وجوب الحلف بالله تعالى لمن أراد اليمين.
فقد قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لأن أحلف باللهِ كاذبًا أحب إليَّ من أنْ أحلف بغيره صادقًا".
قال شيخ الإِسلام: لأنَّ حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق، وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك؛ قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}[النساء: ٤٨].
وقال الماوردي: لا يجوز لأحدٍ أنْ يحلف بغير الله تعالى، لا بطلاقٍ، ولا عتاق، ولا نذر.
والأحاديث واضحةٌ في الدلالة على التحريم.
ومنها ما أخرجه أبو داود (٣٢٥١) والحاكم (١/ ٦٥) من حديث ابن عمر أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من حلف بغير الله فقد كفر".
٣ - ويحرم الحلف بالبراءة من الإِسلام، أو من الدِّين، أو هو يهودي، أو نصراني، ونحوه؛ لما أخرجه أبو داود (٣٢٥٨) والنسائي (٣٧٧٢) بإسنادٍ على شرط مسلم، من حديث بريدة؛ أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من حلف فقال: إنِّي بريء من الإِسلام، فإنْ كان كاذبًا فهو كما قال، وإنْ كان صادقًا فلن يرجع إلى الإِسلام سالمًا".
٤ - وإذا كان الحلف بالآباء منهيًّا عنه ومحرمًا، فالحلف بالأنداد، وهي الأصنام، أشد تحريمًا، وأعظم عقوبة.