للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣ - أنَّ القصاص هو حكم الله تعالى، يجب القيام به، ما لم يَعْفُ صاحب الحقِّ؛ قال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: ١٧٨].

٤ - أنَّ المؤمن إذا لجَّ به الغضب والحمية، فصدر منه ما ظاهره الاعتراض على أمر الله وحكمه، وهو لم يرد به الإنكار والمعارضة، وإنما قصد به طلب الشفاعة -فلا يؤخذ بنالك؛ فإنَّما الأعمال بالنيات.

ويحتمل: أنَّ أنس بن النضر إنما قال ذلك توقعًا من الله تعالى، ورجاءً من فضله أن يرضي الله عنه خصم أخته، ويلقي في قلبه العفو، ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرَّه".

٥ - أنَّ القصاص من حق المجني عليه، فإذا عفا عنه سقط، ولا يعتبر هذا تعطيلاً لحدود الله؛ لأئَه محض حق آدمي.

٦ - أنَّ الله تعالى بكرمه وعدله يعرف لذوي السابقة بطاعته سباقتهم، فإذا وقعوا في معضلة سهَّلها لهم؛ كما في قوله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤)} [الصافات] وكما جاء في الحديث: "تعرَّف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدَّة" [رَواه أحمد وأبو القاسم في "أماليه"، وحسَّنه السيوطي في "الجامع الصغير"، وكذلك المناوي].

٧ - أنَّ القلوب بين يدي الله تعالى، فالمجني عليهم كانوا ممتنعين من العفو، ومن الدية، وطبيعة الحال أنَّ تشدد أنس بن النضر في عدم تنفيذ القصاص، في أخته مما يزيدهم شدة في طلب القصاص، وإلحاحًا فيه، إلاَّ أنَّهم عفوا، وهذا من الأدلة أنَّ المتصرِّف في القلوب هو الله وحده.

٨ - في الحديث منقبة عظيمة لأنس بن النضر -رضي الله عنه- وهي أنَّه من جملة عباد الله تعالى، الذين يعطيهم الله مطلوبهم، ويسمع نداءهم، ويجيب دعاءهم، وقصة استشهاده يوم أحد مشهورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>