للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحجتهم: أن الله سبحانه وتعالى علَّق التحريم باسم "الرضاعة"، فهي مطلقة في القرآن، لم يقيدها بشيء؛ فحيث وُجد اسمها، وُجِد حكمها.

وذهبت طائفة أخرى إلى: أنه لا يثبت التحريم بأقل من ثلاث رضعات؛ وهذا قول أبي ثور، وابن المنذر، وداود.

وحجة هؤلاء: ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تحرِّم المصة، ولا المصتان". [رواه مسلم].

ومفهوم الحديث: أن ما زاد على المصَّتين يثبت به التحريم، وهو الثلاثة فصاعدًا.

وذهبت طائفة ثالثة إلى: أنه لا يثبت بأقل من خمس رضعات؛ وهذا قول عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن الزبير، وعطاء، وطاوس، وهو مذهب الشافعي، وأحمد، وابن حزم.

ودليل هؤلاء: ما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان فيما أُنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرِّمن، ثم نُسِخْن بخمسٍ معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهن فيما يُقرأ من القرآن".

وما جاء في صحيح مسلم أيضًا في قصة سهلة زوجة أبي حذيفة، حينما قالت: إنا كنا نرى سالمًا ولدًا، وكان يأوي معي، ومع أبي حذيفة في بيتٍ واحدٍ، ويراني فُضلى، وقد أنزل الله فيهم ما قد علمت، فكيف ترى فيهن؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أرضعيه"، فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة.

وأجابت هذه الطائفة عن أدلة الطائفتين الأوليين، فقالت: وأما من يرون أن قليله وكثيره يحرم: فجوابهم الحديث الصحيح المتقدم: "لا تحرِّم المصة، ولا المصَّتان".

وأما جواب أصحاب الثلاث: فهو أن دليلهم مفهوم، والمنطوق مقدم عليه، والعمل بأحاديث الرضعات الخمسة إعمال للأحاديث كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>