بأمَّة محمَّد -صلى الله عليه وسلم-، فالمراد به أمَّة الإجابة، وما عدا ذلك، فهم أمَّة الدعوة.
* خلاف العلماء:
ذهب أبو حنيفة، والشافعي وأحمد وأتباعهم: إلى استحباب مجاوزة الفرض في الوضوء، وهو مذهب جمهور العلماء، واستدلوا ببقية حديث الباب:"فمن استطاع منكم أنْ يطيل غرَّته، فليفعل".
قال النووي: اتفق أصحابنا على غسل ما فوق المرفقين والكعبين.
وذهب الإمام مالك وأهل المدينة: إلى عدم استحباب مجاوزة محل الفرض، وهو روايةٌ عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإِسلام، وابن القيم، واختار هذه الرواية من علمائنا المعاصرين الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد الرحمن السعدي، والشيخ عبد العزيز بن باز، وغيرهم.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
أوَّلاً: مجاوزة محل الفرض على أنَّها عبادة، دعوى تحتاج إلى دليل.
ثانيًا: كل الواصفين لوضوء النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ذكروا أنَّه -صلى الله عليه وسلم- كان يغسل الوجه، واليدين إلى المرفقين، والرجلين إلى الكعبين.
ثالثًا: آية الوضوء حدَّدت محل الفرض: المرفقين والكعبين، وهي من آخر ما نزل من القرآن.
رابعًا: لو سلمنا بهذا، لاقتضى الأمر أنْ نتجاوز حدّ الوجه، إلى بعض شعر الرأس، وهذا لا يسمَّى غرَّة؛ فيكون متناقضًا.
خامسًا: الحديث لا يدل على الإطالة؛ فإنَّ الحلية إنَّما تكون زينة في السَّاعد والمعصم، لا العضد والكتف.
سادسًا: أمَّا قوله: "فمن استطاع منكم أنْ يطيل غرَّته وتحجيله، فليفعل" فهذه الزيادة مدرجةٌ في الحديث من كلام أبي هريرة، لا من كلام النَّبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كما في رواية أحمد (٨٢٠٨)، وقد بين ذلك غير واحدٍ من الحفَّاظ.