وأما السنة: فمثل جواب الجارية لما قال لها -عليه الصلاة والسلام-: "أين الله؟ فقالت: في السماء" [رواه مسلم (٥٣٧)].
وأما الإجماع: فهو مذهب الصحابة، والتابعين، وجميع سلف الأمة على مر العصور.
وأما العقل: فإنَّ الله تعالى منزهٌ عن النقص، ثابتٌ له الكمال، فالسفل نقصٌ، والعلو كمالٌ، فهو المستحق له.
وأما الفطرة: فإنَّ أي حي يشعر بقرارة نفسه عند الدعاء، وعند ذكر الله أنَّ هناك مناطًا يشده إلى العلو، ومن ذلك هذه الحشرة التي رفعت قوائمها إلى السماء تدعو الله، عندها فطرة غريزية، أن ربها المطلوب منه الرزق في العلو.
والذين أنكروا علو الله تعالى طائفتان ضالتان:
إحداهما: قالت: إنَّ الله موجود في كل مكان، في البحر والبر والجو، ولم ينزهوه تعالى عن الأمكنة القذرة، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا؛ وهؤلاء حلولية.
الطائفة الثانية: أخْلَوا الله تعالى من كل مكان، فلا هو في العلو، ولا في السفل، ولا في اليمين ولا الشمال، ولا داخل العالم ولا خارجه، فلو وصف العدم، لم يوصف بأكثر من هذا؛ فمعنى هذا أنَّه لا يوجد.
وهدى الله تعالى، ووفق أهل السنة والجماعة، فكان من أصول الإيمان عندهم إثبات العلو المطلق في ذات الله وصفاته، والأدلة النقلية والعقلية تقرر هذه الحقيقة، ومن حُرِم الإيمان بهذا، فقد فاته الإيمان الصحيح.
٩ - الحديث وإن تكلَّم بعض العلماء في صحة سنده، فمعناه صحيح من حيث نطق النملة، وسماع سليمان ذلك منها، ومعرفته كلامها، وقد جاء مثله في القرآن؛ حيث قال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ