قال في "الحاشية": ويشترط لصحة صلاة الجمعة تقدم خطبتين؛ وفاقاً لمالك والشافعي وجماهير العلماء.
وحكاه النووي إجماعاً، ومشروعيتهما مما استفاضت به السنة.
٢ - الحديث فيه صفة الخطيب، وما ينبغي أن يكون عليه عند إلقاء الخطبة من أحوالٍ وصفاتٍ، ترجع إلى إثارة الحماس والانفعال، الذي يسري من نفس الخطيب إلى نفوس السامعين، فينبههم ويوقظ ضمائرهم، ويلهب شعورهم، ويحرك قلوبهم نحو الإقبال على الله تعالى بالطاعات، والابتعاد عما نهى الله عنه من المعاصي.
فمن ذلك أن:
تحمر عيناه؛ وذلك إشارة إلى الغضب والانفعال.
يعلو صوته؛ ليصل إلى مسامعهم، وليهز قلوبهم.
يشتد غضبه، ليوقظ حماسهم ويثير شعورهم بحماسه، وثورته، وهيجانه، وانفعاله، حتى كأنه منذر جيش أحاط بالبلاد، ويوشك أن يصبحهم، أو يمسيهم؛ ليستولي على بلادهم، فيفتك بهم، ويسْبي نساءَهم، ويسترق ذراريهم، ويسلب أموالهم.
٣ - وكان مما يحث عليه في الخطبة هو العمل بكتاب الله، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والحث على سنة وهدْي رسوله -صلى الله عليه وسلم-، الذي هو صنو الكتاب في الهداية، والدلالة على الخير.
قال ابن القيم: مقصود الخطبة هو الثناء على الله تعالى، وتمجيده بالشهادة له بالوحدانية، ولرسوله بالرسالة، وتذكير العباد بأيامه وتحذيرهم من بأسه ونقمته، ووصيتهم بما يقربهم إليه وإلى جناته، ونهيهم عمَّا يقربهم من سخطه وناره.
وزاد ابن القيم بقوله: إنما كانت خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- تقريراً لأصول الإيمان