للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في جميع الخصال وتنازع الأولياء في القرب، دفع نزاعهم بالقرعة، وإن رضوا بتقريب واحد فذاك.

الحالية الثانية: أن تحضر الجنائز مرتبة، فللسبق تأثير في الباب، فلا تنحَّى الجنازة السابقة للُحُوق أخرى، وإن كان صاحبها أفضل هذا عند اتحاد النوع، ولو وضعت جنازة امرأة، ثم حضرت جنازة رجل أو صبي فتنحى جنازتها وتوضع جنازة الرجل أو الصبي بين يدي الإمام، ولو وضعت جنازة صبي ثم حضرت جنازة رجل لم تنحَّ جنازة الصبي؛ بل يقال لوليه: إما أن تجعل جنازتك خلف الصبي أو تنقله إلى موضع آخر. والفرق أنَّ الصَّبيّ قد يقف مع الرجل في الصف والمرأة تتأخر بكل حال فكذلك بعد الموت. وعن صاحب "التقريب" وجه: أنه تنحَّى جنازة الصبي كجنازة المرأة. فإن قلت: ولى كل ميت أولى بالصلاة عليه، فمن الذي يصلي على الجنازة الحاضرة إذا اقتصروا على صلاة واحدة. قلنا: كل من لم يَرْضَ بصلاة غيرِه صَلَّى على ميته، وإن رضوا جَمِيعاً بصلاة واحدة فإن حضرت الجنائز مرتّبة فولى السابقة أولى رجلاً كان مَيّتُها أو امرأة، لأن حضرت معاً أُقْرعَ بينهم والله أعلم.

قال الغزالي: الطَّرَفُ الثَّالِثُ، في كَيْفِيَّةِ الصَّلاَةِ، وأَقَلُّها تِسْعَة أَرْكَانِ: النِّيَّةُ وَالتَّكبِيرَاتُ الأَرْبَعُ وَالسَّلاَمُ وَالفَاتِحَةُ (م ح) بَعْدَ الأُولَى وَالصَّلاةُ عَلَى الرَّسُولِ بَعْدَ الثَّانِيَةِ، وَفِي الصَّلاَةِ عَلَى الآلِ خِلاَفٌ، والدُّعَاءُ للْمَيِّت بَعْدَ الثَّالِثَةِ، وَقِيلَ: يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِين، وَلَوْ زَادَ تكْبِيرَةٌ خَامِسَةً لَمْ تَبْطُلِ الصَّلاَةُ عَلَى الأَظْهَرِ.

قال الرافعي: الكلام في كيفية هذه الصلاة في الأقل والأكمل.

أما الأقل: فمن أركانها النّية، ووقتها ما سبق في سائر الصلوات، وكذا في اشتراط التعرّض للفرضية الخلاف المقدم، وهل يحتاج إلى التعرض لكونها فرض كفاية أم تكفي نية مطلق الفرض؟ حكى القاضي الرُّويانِيُّ فيه وجهين:

أصحهما: الثاني، ثم إن كان الميت واحداً نوى الصَّلاة عليه، وإن حضر موتى نوى الصلاة عليهم، ولا حاجة إلى تعيين الميت ومعرفته، بل لو نوى الصَّلاة على من يصلي عليه الإمام جاز، ولو عين الميت فأخطأ لم تصحَّ صلاته، ويجب على المُقْتَدِي نية الاقْتِداء كما في سائر الصلوات. ومنها: التَّكبيرات الأربع.

روي عن جابر -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِي "كَبَّرَ عَلَى الْمَيِّتِ أَرْبعاً، وَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُوْلَى" (١). فلو كَبَّر خمساً لم يَخْلُ إما أن يكون ساهياً أو عامداً، فإن كان


(١) البخاري (١٣١٧، ١٣٢٠، ١٣٣٤، ٣٨٧٧، ٣٨٧٨، ٣٨٧٩)، ومسلم (٩٥٢) وأخرجه البخاري

<<  <  ج: ص:  >  >>