الأخ للأم ثم الخال ثم العم للأم فيقدم أبو الأم وهو من ذوي الأرحام على الأخ للأم فالوجه أن يحمل قوله:"إن لم يكن وارث" أي: من العصبات وهم الَّذِين سبق ذكرهم هذا فقه الكلام. وقوله:"ويقدم عليهم المُعْتق" كأنه مذكور إيضاحاً، وإلاَّ فقد تقدم في موضعين من لفظ الكتاب ما يفيده.
أحدهما:"حيث قال: ثم العَصَبات على ترتيبهم في الوِلاية" وذلك يقتضي أن يلي درجة المعتق درجة عصبات النَّسب كما في الولاية وذلك يقتضي أنْ لا يتخلَّلها ذوو الأرحام.
والثاني: حيث قال: "ثم إن لم يكن وارث فذوو الأرحام" والمعتق من الوارثين، ثم لا بأس بإعلام قوله:"ويقدم عليهم المعتق" بالواو؛ لأن في لفظ صاحب "النّهاية" ما يقتضي إثبات خلاف فيه كما قدمناه، وكذلك لفظ المصنف في "الوسيط" والله أعلم.
قال الرافعي: إذا اجتمع اثنان في درجة واحدة كابنان وأخوين ونحوهما وتنازعا فقد قال في "المختصر": يقدم الأسن، وذكر في سائر الصلوات أنَّ الأفقه أولى، واختلف الأصحاب على طريقتين:
أصحهما: وهي التي ذكرها الجمهور أن المسألتين على ما نص عليها والفرق بين سائر الصلوات وصلاة الجنازة أن الغرض من صلاة الجنازة الدعاء والاستغفار للميت، والأسن أشفق عليه، ودعاؤه أقرب إلى الإجابة لما روي أنه قال:"إِنَّ اللهَ لاَ يَرُدُّ دَعْوَةٌ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ"(١).
والثانية حكاها الإمام عن رواية العراقيين: التَّصرف في النَّصَّين بالنقل والتَّخريج، وليس المعتبر في تقديم السِّن الشّبيه، وبلوغ سن المشايخ، ولكن يقدم الأكبر وإن كانا شابين، وإنما يقدم الأَسنُّ بشرط أن يكون محمود الحال، فأما في الفاسق والمبتدع فلا، ويشترط مضي السِّن في الإسلام كما سبق في سائر الصلّوات.
وقوله: على أظهر المَذْهَبَيْن جواب على طريقة إثبات الخلاف في المسألة إذ لا
(١) هذا الحديث ذكره الغزالي في الوسيط والإمام في النهاية قال الحافظ ابن حجر: ولا أدري من خرجه، وعند أبي داود من حديث أبي موسى الأشعرى: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم إسناده حسن. وانظر التلخيص (٢/ ١١٨) وانظر خلاصة البدر (١/ ٢٦٣).