للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عثمان (١) -رضي الله عنه- وقد قتلا ظلماً بالمحدّد.

قال الغزالي: وَكَذا القَتِيل بِالحَقِّ قِصَاصاً أَوْ حَدّاً لَيْسَ بِشَهِيدٍ، وَتَارِكُ الصَّلاَةِ يُصَلَّى عَلَيْهِ (و) وَقَاطِعُ الطَّريقِ يُقْتَلُ أوّلاً وُيصَلَّى عَلَيْهِ وَيُغَسَّلُ وُيكَفَّنُ ثُمَّ يُصْلَبُ مُكَفَّناً عَلَى قَوْلٍ، وَعَلَى قَوْلٍ: يُقْتَلُ مَصْلُوباً ثمَّ يُنْزَلُ وُيغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يُقْتَلُ مَصْلُوباً وَيَبْقَى فقَدْ قَالَ: لاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ.

قال الرافعي: إذا تبيَّن أن المقتول ظلماً ليس بشهيد إذا لم يكن بالصفات المقدمة، فالقتيل حقّاً أولى أن لا يكون شهيداً.

وقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "رَجَمَ الْغَامِدِيَّةِ، وَصَلَّى عَلَيْهَا" (٢). وذكر في الكتاب مما يتفرع على هذا الأصل صورتين، وذكرهما في غير هذا الموضع.

إحداهما: أن تارك الصَّلاة يصلى عليه ويغسل؛ لأنه مسلم مقتول حقّاً، وعن صاحب "التلخيص" بأنه لا يصلى عليه؛ لأنه تارك الصلاة في حياته فتترك الصلاة عليه.

وقال أيضاً: لا يغسل ولا يكفن ويطمس قبره تغليظاً عليه.

الثانية: غسل قاطع الطريق والصلاة عليه، تبنى على كيفية إقامة الحدّ عليه، وفي قتله وصلبه إذا اقتضى الحَالُ الجَمْعُ بينهما خلافاً على ما سيأتي شرحه وتفصيله في موضعه إن شاء الله تعالى.

وأظهر القولين: أنه يقدم القتل على الصَّلبُ، فيقتل ثم يغسل ويصلى عليه ثم يصلب مكفناً:

والقول الثاني: أنه يقدم الصلب ثم يقتل. وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-، وعلى القولين إذا صلب فهو ينزل بعد ثلاثة أيام أو يبقى حتى يتهرّى، فيه وجهان:

فإن قلنا بالوجه الأول تفريعاً على القول الثاني فيغسل بعد ما ينزل ويصلّى عليه.

وإن قلنا بالوجه الثاني تفريعاً عليه فلا يغسل ولا يصلّى عليه، وهذا ما أشار إليه بقوله: "ومن رأى أنه يقتل ويبقى فقد قال: لا يصلى عليه".

قال إمام الحرمين: وكان لا يمتنع أن يقتل مصلوباً، وينزل فيغسل ويصلى عليه ثم


(١) أخرجه أبو نعيم في المعرفة من طريق عبد الملك بن الماجشون عن مالك، وقال ابن الملقن غريب بل روى البغوي في معجمه، وكذا أبو نعيم في معرفة الصحابة أنه لم يغسل بإسناد لا أعلم به بأساً. انظر خلاصة البدر (١/ ٢٨٠) التلخيص (٢/ ١٤٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>