للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غسل ففي الصَّلاة قولان" ترتيب الصَّلاة على الغسل إن قلنا: لا يغسل فلا يصلّى عليه، وإن قلنا: يغسل ففي الصلاة قولان: وإذا جمعنا بينهما قلنا: فيه ثلاثة أقوال:

ثالثها: الفرق بين الغسل والصَّلاة.

وقوله: منشأهما التردد في الحياة، أي: في منشأ القَوْلين فيهما جميعاً، لا في الصَّلاة وحدها، وإن كان مذكورًا بعد ذكر قولين الصلاة.

وقوله: "وعلى كل حال يوارى بخرقة ويدفن"، المواراة قد تكون على هَيْئَة التكفين على ما سبق بيانها، وقد تكون على غير تلك الهيئة، فما لم يظهر فيه خلقة الآدمي، يكفي فيه المُوَاراة كيف كانت وبعد ظهور خلقة الآدمي حكم التَّكْفِين حكم الغسل. وقوله: "عند الاخْتِلاج فالصلاة عليه أولى" أي: من الصَّلاة عند عدم الاخْتِلاجَ، وهو جواب على طريقة طَرْدِ القولين والحالة هذه، وقد حكينا فيها قطع قاطعين بأنه يصلى عليه، فإنه يجوز أن يعلّم قوله: "فالصلاة عليه أولى" بالواو وإشارة إليه.

قوله: فإن صرخ واستهل هو الحالة الأولى في ترتيب الشَّرح.

قال الغزالي: وَاحْتَرَزْنَا بِالمُسْلِمِ عَنِ الكَافِرِ فَإنَّهُ لاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ ذِمِّيّاً كَانَ أَوْ حَرْبِيّاً لَكِنَّ تكْفِينَ الذِّمِّيِّ وَدَفْنَهُ مِنْ فُرُوضِ الكِفَايَاتِ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ. وَقِيلَ: لاَ ذِمَّةَ بَعْدَ المَوْتِ فَهُوَ كَالحَرْبِيِّ، وَلَوْ اخْتَلَطَ مَوْتى المُسْلِمِينَ بِالمُشْرِكِينَ غَسَّلْنَا جَمِيعَهُمْ وَكَفَّنَّاهُم تَفَصِّياً عَنِ الوَاجِبِ، ثُمَّ عِنْدَ الصَّلاَةِ يُمَيَّزُ المُسْلِمُونَ بِالنِّيَّةِ.

قال الرافعي: القيد الثاني كونه مسلماً، فلا تجوز الصَّلاة على الكافر حربياً كان أو ذمياً. قال الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} (١).

ولا يجب على المسلمينِ غسله أيضاً، ذمياً كان أو حربياً لكن يجوز خلافاً لمالك -رحمه الله-. لنا: أنَّ النَّبِيَّ "أَمَرَ عَلِيًّا -رَضِيَ اللهُ عَنُهُ- بغَسْلِ أَبِيهِ أَبِي طَالِب" (٢) وأقاربه الكُفَّار أَوْلَى بغسله من المُسْلمين، وأما التَّكفين والدَّفْن فَينظر إن كان الكافر ذميّاً، ففي وجوبهما على المُسْلمين وجهان:

أظهرهما: يجب وفاء لذمته، كما يجب أن يطعم ويكسى في حياته.

والثاني: لا يجب فإنا لم نلتزم إلا الذَّبَّ عنه في حياته والذمة قد انتهت بالموت


(١) سورة التوبة، الآية ١٠٣.
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٩٧، ١٣١) وأبو داود (٣٢١٤)، والنسائي (٤/ ٧٩ - ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>