للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشبههما: نعم، للمصلحة وطاعة السلطان، وهذا هو المذكور في الكتاب واختيار الإِمام.

ومهما كان العزل في محل النظر، واحتمل أن يكون فيه مصلحة، فلا اعتراض فيه على الإِمام، ويُحكم بنفوذه، وفي بعض الشروح: ذكر وجهين في أن تولية قاض بعد قاض، هل يكون عزلاً للأول؟ وليكونا مبنيين على أنَّه، هل يجوز أن يكون في بلد قاضيان؟ وللقاضي أن يعزل نفسه كالوكيل، وفي الإقناع للماوَرْدِيِّ: أنه إذا عزل نفسه، لم يُعْزَلْ إلا بعلْمِ مَنْ قَلَّده.

والثاني: هل ينعزل القاضي قبل أن يبلغه خبر العزل؟ فيه طريقان:

أحدهما: أنه على قولين، كالوكيل، وبهذا قال صاحب "التلخيص" والقاضي ابن كج.

وأصحُّهما: وبه قال أبو زيد: القطع بأنه لا ينعزل؛ لِعِظَمِ الضرر في ردِّ أقضيته (١) بعد العزل، وقبل بلوغ الخبر، ثم الخلاف فيما إذا عزله لفظاً أو كتب إليه: أني عزلتك، أو أنت معزولٌ، فأما إذا كتب إليه: إذا أتاك كتابي هذا، فأنت معزول، فلا ينعزل قبل أن يأتيه الكتاب بحال، وإن كتب: إذا قرأْتَ كتابي، فأنت معزول، فلا ينعزل قبل القراءة.

ثم إذا قرأ بنفسه، فذاك، وإن قُرِئَ عليه، فوجهان:

أحدهما: لا ينعزل كصورة اللفظ.

وأصحُّهما: الانعزال، وهو المذكور في الكتاب (٢)؛ لأن غرض الإِمام إعلامه


(١) قال الشيخ البلقيني في تصحيحه كلامه يقضي أن ببلوغه الخبر ينعزل وليس كذلك فالمتعين لا ينعزل وإن بلغه خبر عزله وغير المتعين إذا بلغه الخبر وله نواب لم يبلغهم خبر عزل أصلهم وكانوا ممن ينعزلون بعزله لا ينعزلون حتى يبلغهم خبر عزله وتبقى ولايته مستمرة حكماً وإن كان لا ينفذ حكمه ويستحق ما رتب على الولاية التي يحصل بها سد الوظيفة حتى يبلغ نوابه خبر عزله ولو انعكست المسألة بأن بلغ النائب خبر عزل أصله ولم يبلغ أصله ذلك فالقياس أن النائب لا ينعزل حتى يبلغ أصله خبر العزل وينفذ حكمه أما ينفذ حكم أصله ولم أرَ من تعرض لذلك، انتهى وهو فقه حسن.
(٢) قال الشيخ البلقيني في التصحيح أيضاً كلامه يقتضي أنه لا ينعزل حتى يتلفظ بلسانه بقراءته بحيث يسمع نفسه حتى يسمي قرأه وليس كذلك بل إذا تأمله وعرف ما فيه وإن لم يقرأه بلسانه فإنه ينعزل وإنما قلنا ذلك لأن القراءة في كتب الرسائل لها عرف خاص في قراءتها وهو النظر مع معرفة ما في الكتاب فيقال في العرف قرأ الكتاب بمجرد تأمله للعارف، وذلك يقتضي الانعزال.
قال الشيخ: ولم أرَ من تعرض لذلك وهو من النفائس هذا ما كتبته أولاً ثم وجدت في النهاية في الطلاق لم يختلف علماؤنا أنها إذا طالعته وفهمت ما فيه أن تبع الطلاق وإن لم يتلفظ بشيء لحمدت الله تعالى على موافقة ما اتفقوا عليه وقد حكى الرافعي ذلك في الطلاق عن الإِمام =

<<  <  ج: ص:  >  >>