وأصحهما: أنها لا تعود إلا بتولية مستأنفة، وبالثاني أجاب صاحب "التلخيص" تخريجاً من قول الشافعيِّ -رضي الله عنه- في أهل البَغْي؛ لأنهم لا يقاتَلُون حتى يناظَرُوا ويُسْأَلُوا ماذا يَنْقِمُون؟ فقد يَسْأَلُون عزل عامل يذكرون جَوْرَة، فلو كان العامل ينعزل بالجور، لقال: يَدَعُون انعزاله بالجَوْر، ولم يقل يَسْأَلون عزله، إلا أنه لم يطرد جوابه في صورة الردة، وسلم أنه إذا تاب بعد الردة، احتاج إلى عقد جديد.
قال الشيخ أبو زيد: والقياس: التسوية، وفي "أمالي أبي الفرج السرخسي": القطع بأنه إذا زال الإِغماء، عادت الولاية، بخلاف الجنون، ولو أخبر الإِمام بموت القاضي أو فسقه، فولى قاضياً، ثم بان خلافه، لم يقدح ذلك في تولية الثاني.
وقوله في الكتاب "يوجب الانعزال" أراد بالانعزال بطلان الحكمِ والنظرِ في الحال، لا البطلان الكلِّي؛ إذ لو أراد البطلان الكُلِّي، لم يحسن ذكر الوجهين بَعْد ذلك في عود الولاية.
ومسألة عود الولاية بعد الإِفاقة من الجنون، قد ذكرناها مرة في باب الوصاية، وكذا مسألة طريان الفسق، إلا أَنه لم يذكر الخلاف هناك، واقتصر على الجواب الأصح، ولفظ الانعزال في ذلك الباب أيضاً محمول على ما ذكرناه، والله أعلم.
أحدها: أن العزل متى يجوز؟ فإن ظهر من القاضي خَلَل، فللإمام عزله، قال في "الوسيط": ويكفي فيه غلبة الظن، وإن لم يظهر خلل، فإن لم يكن ثَمَّ مَنْ يصلح للقضاء، فلا يجوز عزله، ولو عزله، لم ينعزل، وإن كان هناك صالح آخر، فإن كان أفضل، جاز عزله به، وانعزل المفضول، وإن كان مثله، أو دونه، قال الإِمام: يُنْظَرُ؛ إن كان في العزل به مصلحةٌ من تسكين فتنة ونحوه، فللإِمام أن يعزله به، وإن لم يكن فيه مصلحة لم يجز عزله به، ولو فعله، هل ينفذ؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا, لأنه لا خلل في الأول ولا مصلحة في عزله.