للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الصَّيدلانيِّ، فقد راجعت طريقته، فلم أجد ما ادعاه، بل استشهد بالمسألة فيما إذا قال: لا أدخل بيتًا، وحكم فيها بحنث الطبريِّ والعراقيِّ، كما ذكره سائر الأصحاب -رحمهم الله- على ما تقدَّم، نعم في "تعليقة" أبي الفرج السرخسي ذِكْرُ وجهين في المسألة، ثم ينبغي أن تكون جيلان كطبرستان.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ حَلَفَ عَلَى اللَّحْمِ لَمْ يَحْنَث بِالشَّحْمِ، وَيَحْنَثُ بِالسَّمِينِ، وَفِي الألِيَّةِ وَالسَّنَامِ وَجْهَانِ، وَلاَ يَحْنَثُ بَالأَمْعَاءِ وَالكَبِدِ وَالكِرْشِ، وَفِي القَلْبِ وَجْهَانَ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الزُّبْدِ لَمْ يَحْنَثْ بِالسَّمْنِ، وَفِي عَكْسِهِ خِلاَفٌ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى السَّمْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِالأَدْهَانِ، وَفِي عَكْسِهِ خِلاَفٌ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الجَوْزَ حَنِثَ بِالهِنْدِيِّ، وَعَلَى التَّمْرِ لاَ يَحْنَثُ بِالهِنْدِيِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه صور؛ منها -إذا حلف-: لا يأكلَ اللَّحم أو لا يشتريه، لم يحنث بأكل شحم البطن، ولا يأكل شحم العين؛ لأنهما يخالفان اللحم اسمًا وصفةً، وهل يحنث بأكل شحم الظهر والجنب، وهو الأبيض الذي لا يخالطه الأحمر؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا يحنث؛ لأنه شحم؛ لقوله تعالَى: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} [الأنعام: ١٤٦] وإذا كان شحمًا، كان كشحم البطن.

وأصحُّهما: وهو المذكور في الكتاب: أنَّه يحنث؛ لأنه لحم سمين، ألا تراه يحمر عند الهزال؟ ويجوز أن يُعْلَمَ قوله في الكتاب "لم يحنث بالشحم" بالحاء؛ لأن في "تعليقة" أبي حامد أن عند أبي حنيفة يَحْنَثُ بأكل الشحم؛ لأنه يُؤكل مع اللحم، ويقام مقامه، وبالميم؛ لأن بعض أصحاب أحمد -رحمه الله- حكى عن مالك -رحمه الله- مثله، وعلى عكسه لو حلف ألا بأكل الشحم، يحنث بأكل شحم البطن، ولا يحنث بأكل اللحم، وأكل شحم الظهر على الوجهين:

الأصح: أنه لا يحنث، وبه قال أبو حنيفة، وعن أبي زيد: أن الحالف، إن كان عربيًا، فشحم الظهر شحم في حقه؛ لأنهم يعدونه شحمًا، وإن كان عجميَّاً، فهو لحم في حقِّه، وذكر في أكل شحم العين وجهان أيضًا.

ويتناول اليمينُ على اللحومِ لحومَ النعم والوحوش، والطيور المأكولة، وفيما لا يُؤْكل لحمه؛ كلحم الميتة والخنزير والذئب والحمار وغيرها وجهان عن ابن سُرَيْجٍ:

أحدهما: وبه قال أبو حنيفة: أنه يحنث بأكلها؛ لوقوع الاسم عليها، وإن كانت محرمة، كاللحم المغصوب.

والثاني: لا يحنث؛ لأن الحالف يقصد بيمينه الامتناع عما يُعْتَاد أكله؛ وأيضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>