للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاليَدَيْنِ إِلى الكُوعَينِ، وَظُهُورُ القَدَمَيْنِ عَورَةٌ فِي الصَّلاَةِ، وَفِي أُخْمُصَيْهَا وَجْهَانِ، وَأَمَّا الأَمَةُ فَمَا يَبْدُو مِنْهَا فِي حَالِ المِهنَةِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَمَا بَيْنَهُ إِلَى مَحَلِّ عَوْرَةِ الرَّجُلِ فِيه وَجْهَانِ:

قال الرافعي: ترجمة هذا الشرط الثالث إنما هي ستر العورة، فيجب بيان العورة، وبيان كيفية السَّتْرِ، وأنه بم يحصل؟ وهذا الفصل لبيان حد العورة، وهي من الرجل حراً كان أو عبداً: ما بين السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ، وليست السرة من العورة ولا الركبة على ظاهر المذهب؛ لما روي عن أبي اْيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا فَوْقَ الرُّكْبَةِ وَدُونَ السُّرَّةِ عَوْرَةٌ" (١).

وروي أنه قال: "عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ" (٢).

وليكن قوله: (ما بين السّرة والركبة) معلماً بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة الركبة غير خارجة عن حد العورة، وإن كانت السرة خارجة، وبالميم؛ لأن عن مالك الفخذ ليس بعورة، وبالواو لأمور ثلاثة:

أحدها: أْنهم حكوا وجهاً عن بعض الأصحاب أنهما جميعاً من العورة.

والثاني: أن أبا عبد الله الحناطي حكى عن الإصطخري أن عورة الرجل هي القبل والدبر فقط.

والثالث: أن أبا عاصم العبادي حكى عن بعضهم أن الركبة من العورة دون السُّرة، وليكن معلماً بالألف أيضاً؛ لأن عن أحمد رواية أن عورة الرجل القبل والدبر لا غير، وعنه رواية أخرى مثل مذهبنا، وهي أظهر عندهم، وأيضاً فإن المراد من العورة هاهنا ما يجب ستره في الصلاة، وعنده يجب ستر المنكب في الصلاة المفروضة، وهو خارج عما بين السرة والركبة.

أما المرأة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة، إلا الوجه واليدين (٣) لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (٤).


(١) أخرجه الدارقطني في السنن (١/ ٢٣١)، وضعفه البيهقي، وانظر التلخيص (١/ ٢٧٩).
(٢) أخرجه الحارث بن أبي أسامة بهذا اللفظ إلا أنه قال: (المؤمن) بدل الرجل من رواية أبى سعيد الخدري بإسناد ضعيف، وانظر التلخيص (١/ ٢٧٩)، وخلاصة البدر (١/ ١٥٣)
(٣) أي في الصلاة، أما عورتها خارج الصلاة بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فهي جميع بدنها حتى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة وهذه معروفة عند أهل العلم بمسألة نقاب المرأة، والأمر فيها دائرة بين الوجوب والاستحباب ولم أجد عن استحدث حكماً ثالثاً إلا من كان من قلبه هوى متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاباً برأيه.
(٤) سورة النور، الآية ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>