للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: فيه قولان:

أحدهما: هذا.

وأظهرهما: النجاسة كالصديد الذي لا رائحة له ويحكى هذا عن الشيخين أبي محمد، وأبي علي.

وأما ما يتعلق بلفظ الكتاب فمنه ما اندرج في أثناء الكلام، ومنه أن قوله: (وإن أصابه من بدن الغير) راجع إلى أول كلامه، وهو دم البثرات (١)، لكن الخلاف في دم الغير لا يختص بالخارج من بثراته، بل يستوي فيه الخارج من البثرات وغير البثرات، وقوله: (ولطخات الدماميل والفصد)، وقد يقرأ بعضهم بدل الفصد العقد، ولا بأس به، فموضع الفصد والحجامة والدماميل كلها في الحكم سواء.

وقوله: (وإن دام غالباً) أي: إن دام مثلها غالباً، وكذا قوله: (إن لم يدم) أي: مثلها، وما أشبه ذلك، وإلا فلا يمكن أن يكون قوله دام، ولم يدم صفة الدماميل، ولا صفة اللطخات، لأن منها ما هو دائم، ومنها ما هو غير دائم، فلا يجوز وصف كلها لا بالدوام، ولا بعدم الدوام، ثم لك أن تستدرك فتقول: نظم الكتاب يقضي أن يكون التردد في إلحاقها بدم البثرات مخصوصاً بلطخات الدماميل التي لا تدوم، وأن تكون لطخات الدماميل الدائمة ملحقة بدم الاستحاضة من غير تردد، وليس الأمر كذلك، بل حكى إمام الحرمين وغيره في إلحاقها بدم البثرات وجهين مطلقاً كما قدمنا، ثم يفصل على وجه عدم الإلحاق فيقال: ما يدوم منها كدم الاستحاضة، وما لا يدوم كدم الأجنبي، وإيراده في "الوسيط" محتمل لما ذكره في "الوجيز"، ولما هو الحق.

قال الغزالي: الخَامِسَةُ: الجَاهِلُ بِنَجَاسَةِ ثَوْبِهِ فِيهِ قَوْلاَنِ: الجَدِيدُ: وُجوُبُ القَضَاءِ فَإِنْ كانَ عَالِمًا ثُمَّ نَسِيَ فَقَوْلاَنِ مُرَتَّبَانِ، وَأَوْلَى بِالوُجُوبِ (م)، وَمَثَارُ التَّرَدُّدِ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ المَنَاهِي فَيَكُونُ النِّسْيَانُ عُذْراً فِيهِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الشُّرُوطِ كَطَهَارَةِ الحَدَثِ.

قال الرافعي: إذا صلى وعلى ثوبه أو بدنه أو موضع صلاته نجاسة غير معفو عنهما، وهو لا يدري نظر إن لم يعلم بها أصلاً ثم تبين الأمر له، ففي وجوب القضاء قولان:

الجديد وبه قال أَبُو حَنِيفَةَ: أنه يجب؛ كما لَو بَانَ له بعد الفراغ من الصلاة أنه كان محدثاً، والقديم: أنه لا يجب لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "خَلَع نَعْلَه فِي الصَّلاَةِ، فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُم، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى مَا صَنَعْتُم، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَكَ


(١) في "ب" البراغيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>