للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الرَّافِعِيُّ.: فيه مسألتان؛ بينهما بعض التقارب، وكلتاهما من فروع ابن الحدَّاد:

إحداهما: إذا قال العَبْد لزوجته إذا مات سيدي، فأنتِ طالقٌ طلقتين، وقال السيِّد لعبده: إذا متُّ، فأنتَ حرٌّ، فوقوع الطلقتين وعتْق العبد يتعلقَّان جميعاً بموت السيد، فإذا مات لم يحل، إما أن يحتمل الثلُثَ العبْدُ أو لم يحتملْه، إن لم يحتمله، فيُرَقُّ ما زاد على الثلث، ومَنْ بعْضه رقيقٌ كالقنِّ في عدد الطلقات، فإذا وقعت الطلقتان، لم تثبت له رجعة، ولم يكن له أن ينكحها حتَّى تنكح زوجاً غيره، وإن احتمله الثلث عتق العبد، وهل تحرَّم عليه فيه وجهان:

أظهرهما: وهو جواب ابن الحدَّاد: أنها لا تحرم عليه، بل له الرَّجْعة وتجديد النكاح قبْل أن تنكح زوجاً غيْره؛ لأن العِتْق والطلاق وقعا معاً، ولم يكن رقيقاً بعْد وقوع الطلاق، حتَّى يحكم بالتحريم.

والثاني: أنها لا تحل (١) له إلاَّ بعْد زوج آخر؛ لأن العتق لم يتقدَّم وقوع الطلاق، فصار كما لو طلَّقها اثنتين، ثم عتق، ومن نصر الأول قال: العتق كما لم يتقدَّم، لم يتأخر أيضاً، وإذا وقع العِتْق والطلاق معاً، جاز أن يُغلَّب حكم الحرية، ألا تَرَى أنَّه لو أوصى لأم ولده أو لمدبره، والثلث يحتمله تصح الوصية؛ لأن العِتْق، واستحقاق الوصية متقاربان (٢)، فجعل كما لو تقدَّم العتق، ولا تختص المسألة بالتعليق بمَوْت السيِّد بل يَجْري الخلاف في كل صورة تعلَّق عتق العبد ووقوع طلقتين على زوجته بصفة واحدة، كما لو قال العبد: إذا جاء الغد فأنتِ طالق طلقتين وقال السيد: إذا جاء الغَدُ، فأنتَ حر ولو قال العبد لزوجته إذا عتقت فأنتِ طالقٌ طلقتين وقال السيد إذا جاء الغد فأنتِ طالقٌ إذا جاء الغدُ، فأنتِ طالقٌ طلقتين حر قال الشيخ أبو عليٍّ: إذا جاء الغدُ، عَتَقَ العبْد، وإذا أعتق طُلِّقَت زوجته وطلقتين، ولا تحرَّم عليه بحال؛ لأن العتْق تقدَّم وقوع الطلاق، ولو علَّق السيد، عَتَق العبد بموته، وعلق العبد الطلقتين بآخر جزء من أجزاء حياة السيِّد، انقطعت الرجعة لا محالة لأن الطَّلاق صادف حالة الرِّقِّ.

الثانية: من له نكاح الأمة، إذا نَكَح أمة مُورِّثه، كأبيه وأخيه وعمه، ثم قال لزوجته إذا ماتَ سيِّدُك، فأنتِ طالقٌ، فمات السيد والزوج يرثه، ففي وقوع الطلاق وجهان:

أظهرهما: وهو جواب ابن الحَدَّاد: أنَّه لا يقع الطلاق، وذكر في "المهذب" أن ابن سُرَيْج قال به، ووجَّهه الشيخ أبو علي بمعنيين.

أحدهما: أن الطلاق قطَع النكاح فيستدعي قيام النكاح؛ ليصادفه الطلاق إذا مات


(١) في ز: تصلح.
(٢) في أ: يتقاربان.

<<  <  ج: ص:  >  >>