للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أسطر الطلاق، لا من صور انمحاء الصَّدْر والتسمية، دون المقاصد.

وقوله: "وإن سَقَطَ الحَوَاشي" هو الصورة الرابعة، ليعلَّم قوله: "وَقَعَ" بالواو.

ولو كتب: إذا بَلَغَكِ طلاقي، فأنت طالقٌ، فإن بلَغَ موضع الطلاق، وقع بلا تفصيل ولا خلاف وإن بلغ ما عداه وبطل موضع الطلاق لم تطلق ولو كتب: إذا بلَغَكِ كتابي فأَنْتِ طالقٌ وكتب أيْضاً: إذا وَصَلَ إليْكِ طلاقي، فأنْتِ طالقٌ، فبلَغَها، وقعَتْ طلقتان؛ لوجوب الصفتين، وإذا كان التعليق بقراءتها الكتاب، فقرأت بعْضَه دون بعض، فعلى ما ذكَرْنا في وصول بعْضه دون بعض.

فروع: لو كتب كناية من كنايات الطَّلاق، ونوى، فهو كما لو كَتَبَ الصرائح، ولو أمر الزَّوْجِ أجنبيًّا، فكتب بالطلاق، ونوى الزَّوْج لم تطلَّق كما أو أَمَر أجْنبيًّا بأن يقول لزوجته: أنْتِ بائنٌ، ونوى الزوج، ولو قال: إذا بَلَغَكِ نِصفِ كتابي هذا، فأنْتِ طالقٌ، فبلغ الكتابُ كله، ففيه وجهان، وعن صاحب "التقريب":

أحدهما: يَقَع؛ لاشتمال الكُلِّ على النصف.

والثاني: المنع؛ لأن النِّصْف في مثل هذا الموضع يراد به النِّصْف المفرد المميز (١)، والكتابة على الكاغد والرّقّ، واللوح، وبالنقر في الخشب، والحجر سواءٌ في الحكم على ما بيَّنَّا في "البيع" وذكَرْنا أنَّه لا عِبْرة برسم الحُرُوف على الماء والهواء؛ لأنها لا تَثْبُتُ.

قال الإِمام: لا يَمْتَنع أن يلتحق هذا بالإِشارات؛ فإنها حركَاتٌ يُفْهَمُ منها شكْلُ الحروف، فتنزل منزلة الإِشارات المفهمة، ولكَ أن تقُولَ: الإِشَارة المُعْتَبَرَة هي الإِشارة إلى معْنَى الطلاق، وهو الإِبعاد والمفارقة لا إلى حروف الطلاق، وهذه إشارة إلى الحُرُوف، ونقل في "التتمة" عن أبي حنيفة -رحمه الله- أنَّه إن كتب على البياض: وقَعَ الطلاق، وإن كتب على حائِطٍ، وثَوْب، لم يَقَعْ، ولو قالت المرأة: أتاني كتاب الطلاق، وأنكر الزَّوْج أنَّه كتبه أو أنه نوى الطلاق، فالقول قوله، ولو شهد شُهُود على أنه خطه، لم يَثْبُت الطلاق، بل نحتاج مع ذلك إلى إثبات قراءته، أو نيته، وإنما يجوز للشُّهود أن يشهدوا على أنَّه خطّه وإذا شاهدوه وقْتَ الكتابة، وكان الخَطُّ محفوظاً عنْدهم؛ ليأمنوا التزوير، ولو كتب: أنتِ طالقٌ، ثم أشهد، وكَتَب: إذا بلَغَكِ كتابي، فإن احتاج إلى الإِشهاد (٢)، لم تُطلَّق؛ حتى يبلغها الكتاب، وإن لم يحتج إليه طُلِّقَت في الحال.

فَرْعٌ: حرك لسانه بكلمة الطلاق، ولم يرفع صوته بقَدْر ما يسمع، ففي "التتمة" أن الزجاجيَّ حكى فيه قولين:


(١) قال النووي: الأصح الوقوع.
(٢) في ب: الاستحداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>