لاختصاصها بالحظر والاحتياط ولأن تأثرها بالتحريم أشدُّ؛ ألا ترى أنه يؤثر فيها الظهار، ولا يؤثِّر في الأموال وعند أبي حنيفة وأحمد -رحمهما الله-: التحريم فيها يمين، وتتعلق به كفارة يمين، وكأنه حَلَف على أنَّه لا ينتفع بماله، فإذا انتفع، لَزِمَتْه الكفارة. ولو قال: كُلُّ ما أملِكُ حرامٌ عليَّ، وله زوجاتٌ وإماء، ونوى التحريم فيهن، أو أطْلَقَ وجعلناه صريحاً، فيكفيه كفَّارةٌ واحدةٌ أو يجبُ لكلِّ واحدة كفارةٌ، فيه طريقان:
أحدهما: -وبه قال أبو إسحاق- أنه على قولَيْن كما لو ظاهر عن نِسْوة بكلمة واحدة.
والثاني: القَطْع بكفارة واحدةٍ، كما لو حَلَف أن لا يكلِّم جماعة، فكلمهم، والأصح الاكتفاء بكفارة واحدة.
وحكى الصّيدلانيُّ وغيره وجْهاً أو قولاً آخر: أنَّه يجب للزوجات كفَّارة، وللإِماء كفَّارة. وحكى الحناطي وجْهاً ضعيفاً: أنَّه يكفِّر للمال أيضاً، وربما جاء على ضعْفِه فيما إذا وصَف المال وحْدَهُ بالتحريم، ويجري القولان فيما إذا قال لأربع نسوة: أنْتُنَّ عليَّ حرامٌ.
ولو قال: لامرأته: أنْتِ عليَّ حرام، أنتِ عليَّ حرامٌ، ونوى التحريم، أو جعلناه صريحاً، فإن قالها في مجلسٍ واحدٍ، كفته كفارة واحدة، وإن اختلَف المجلسُ، وأراد التأكيد فكذلك الجواب وإن أراد الاستئناف، فعَلَيْه لكلِّ واحدة كفَّارة، وقيل: يكفي كفارةٌ واحدةٌ، وإن أطْلَق فعَلَى قولين كذلك، وشذ الحناطي.
وقوله في الكتاب "فإن نَوَى الطَّلاَقَ أو الظِّهَار كان كَمَا نَوى" يجوز إعلامه بالواو للوجه الغريب الَّذي حَكَيْنَاه: أنَّه لو نوى الطَّلاق، لم يكن طلاقاً، إذا فرَّعنا على أَنَّه صريحٌ في اقتضاء الكفَّارة، ويجوز إعلام الظهار بالميم؛ لأن عن مالك فيما رواه ابن الصباغ -رحمهما الله- أن قَوْله: أنْتِ عليَّ حرام صريحٌ في ثلاثِ طلقات، كما هو مذهبُ عليٍّ -كرم الله وجهه- وإِعْلام الطلاق بالألف؛ لأن عنْد أحمد -رحمه الله- هو ظهارٌ، كما هو مذهب عثمان -رضي الله عنه-، وقوله "ولو نَوَى التَّحْرِيمَ حُرِّمَتْ" وَكَذَلِكَ يوجد في أكثر النسخ، والصواب "لم تحرم" وكذلك نجد في النسخ الصحيحة، وذكر في "الوسيط" أنه إن نوى التحريم، كان يميناً، وهو أيضاً خلافُ ما قاله الأصحاب -رحمهم الله- على طبقاتهمْ؛ فإنهم قالوا: إنه ليس بيمين، ولكن فيه كفارة يمين.
وقوله:"لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ" أي كفارة يمين، وليعلَّمْ بالميم، والألف؛ لما عرَفْتَ من مذهبهما.
وقوله:"يُوجِبُ الكَفَّارةَ" بالحاء والميم؛ أما الميم؛ فلما تبين، وأما الحاء؛ فلأن