للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الخَامِسَةُ): إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً لِلسُّنَّةِ ثُمَّ قَالَ: أَرَدتُّ التَّفْرِيقَ عَلَى الأَقْرَاءِ لَمْ يُقْبَلْ لأَنَّهُ لاَ سُنَّةَ عِنْدَنَا فِي التَّفْرِيقِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِلسُّنَّةِ ثُمَّ فُسِّرَ بِالتَّفْرِيقِ فَهَلْ يَدِينُ فِيهِ وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: أَرَدتُّ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَرَدْتُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَا كُلُّ مَا يُحْوِجُ إِلَى زِيَادَةِ تَفْسِيرٍ، أَمَّا مَا يَرْجِعُ إِلَى التُّخْصِيصِ فَيَدِينُ، وَهَلْ يُقْبَلُ ظَاهِراً؟ فِيهِ خِلاَفٌ كَمَا لَوْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ ثُمَّ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِنِيَّتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَأَرَادَ البَعْضَ، أمَّا إِذَا ظَهَرَتْ قَرِينَةْ فَالظَّاهِرُ أنَّهُ يُقْبَلُ كَمَا لَوْ عَنَى بِنيَّتِهِ نِكَاحَ جَدِيدَةٍ، ثُمَّ لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ الحَاضِرَةَ، وَكَذَا إِنْ كَانَ يَحُلُّ وَثَاقاً عنها فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أنَّهُ يُقْبَلُ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ كَلَّمْتِ زَيداً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُّ شَهْراً يُقْبَلُ لأَنَّهُ كَتَخْصِيصِ عُمُومٍ، وَالحَاصِلُ أَنَّهُ يَدِينُ فِي كُلِّ احْتِمَالِ وَإنْ بَعُدَ وَإنَّمَا يُقْبَلُ فِي الظَّاهِرِ إِذَا ظَهَرَ احْتِمَالُ اللَّفْظِ أَوْ شَهِدَ لَهُ قَرِيَنَة.

قال الرَّافِعِيُّ: إذا قال لامرأته أنتِ طالقٌ ثلاثاً للسُّنَّة ثم قال: نويت تفريق الثلاثِ على الأقراء، لم يُقْبَل قوله في الظَّاهر؛ لأن اللفظ يقتضي وُقُوع الكُلِّ في الحال، إن كانَت طاهراً، والوقوع كما طهرت إن كانت في الحال حائضاً، ولا سُنَّة في التفريق على ما تقدَّم، وليس في اللفظ إشْعَار بما يبديه.

قال في "التتمة": إلاَّ أنَّه إذا كان الرَّجُل ممَّن يعتقد تحريم الجمع في قرء واحد، فيُقْبَل قولُه في الظاهر؛ لأن تفسيره يستمر على اعتقاده، وحكى الحناطي وجْهاً مطلقاً: أنه يقبل [قوله] في الظاهر، والمنصُوص المشهور الأَوَّلُ، ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً، ولم يقُلْ: للسُّنَّة ثمَّ فسَّر بالتفريق على الأقراء، فكذلك لا يقبل في الظَّاهر؛ لأنَّه يؤخر ما يقتضي اللفظ تنجيزه، وفي الصورتين: هل يَدِينُ، ونَقْبَل قوله في البَاطِن فيه وجهان نقلهما الإِمام وغيره:

أصحُّهما: وهو المنصوص أنه يَدِينُ (١)؛ لأنَّه لو وصَل باللفظ ما يدعيه لانتظم.


(١) قال في المهمات: جزم في المحرر والمنهاج بالقبول ظاهراً في الصورتين.
قال في الخادم بعد نقله كلام المهمات وهو عجيب لأن ما في الشرح والروضة يستدرك به على المختصرات لا العكس، وكان ينبغي أن ينبه على أن ما في المنهاج في الثانية لا أصل له في النقل، والحاصل أن على المنهاج اعتراضين:
أحدهما: الجزم بالمنقول عن المتولي في الاستثناء والذي اقتضاه كلام الشرحين والروضة أنه وجه غريب.
والثاني: جعله قيداً في المسألتين والذي فيها عن المتولي أنه قيد في الأولى كذا هو الموجود في التتمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>