للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاحشةً أو سنّية بدعيةً أو للحرج والعدل والمخاطبة، من ذوات الأقراء، وقعت في الحال، كما ذَكّرنا في قوله: للسنّة و"البدعة" وحكُيَ في توجيهه اختلافٌ.

والأظهرَ -وهو المذكور في الكتاب-: أن وجهه أنه وصف الطلاق بصفَتيْن متضادَّتَيْن، فبلْغُو، ويبقى أصْل الطَّلاق، وعن أبي إسحاق، أن الطلاق إنما يقع؛ لأن إحدى الحالَتَيْن حاصلاً لا محالة، والصفة التي هي موجب تلك الحالة واقعةٌ موقعها، فيقع الطلاق موصوفاً بتلك الصفة، ويلغو الصفة الأخرى، ويجيْء أن يقال.: لو لم تكن المرأة متعرِّضة للسنّة والبدعة، فقضية التعليلٍ الأول وقوعُ الطلاق، وقضيةُ التعليلِ الثاني ألاَّ يَقَع، لأن واحدة من الحالتين غيْرُ حاصلة، وذكر الشيخ أبو الفرج في "الأمالي": أنَّه لو فسَّر كل صفة بمعنى فقال: أردتُّ كونَهَا حسنة من حيثُ الوقت، وقبيحة من حيث العَدَدُ، حتَّى تقع الثلاث أو بالعَكْس، فيقبل وإن تأخر الوقُوع؛ لأنُّ ضرر وقُوع العَدَد أكثر من فائدة تأخير الوقوع.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرَّابِعَةُ): إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةٌ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَبَانَتْ فَلاَ تَلْحَقُ الثَّانِيَةَ، وَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا قَبْلَ الطُّهْرِ الثَّانِي لَحِقَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ عَلَى قَوْلِ عَوْدِ الحِنْثِ، فَإِنْ جَدَّدَ النِّكَاحَ بَعْدَ الطُّهْرَينِ لَمْ يَقَعْ لانْحِلاَلِ اليَمِينِ بِالطُّهْريْنِ قَبْلَ التَّجْدِيدِ، وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولاً بِهَا لَحِقَهَا الثَّلاَثُ فِي ثَلاَثَةِ أَقْرَاءٍ وَقَد شَرعَتْ بالأوْلَى فِي العِدَّةِ، وَهَلْ تُسْتَأْنفُ العِدَّةُ لِلُحُوقِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ؟ فِيهِ خِلاَفٌ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً وَهِيَ تَحِيضُ، وَقُلْنَا: إِنَّ ذَلِكَ حَيْضٌ فَيَقَعُ وَاحِدَةً فِي الطُّهْرِ الأَوَّلِ، وَهَلْ يَتَكَرَّرُ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ؟ فِيهِ خِلاَفٌ؟ لأَنَّ القُرْءَ مَا يَدُلُّ عَلَى البَرَاءَةِ وَلاَ دَلاَلَةَ مَعَ الحَمْلِ، وَإِن كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً فَفِي وُقُوع وَاحِدٍ فِي الحَالِ خِلاَفٌ مَبنِيٌّ عَلَى أَنَّ القُرْءَ طهْرٌ مُحْتَوشٌ بِدَمَيْنِ، أَمْ الانْتِقَالُ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الحَيْضِ قُرْءٌ أَيْضاً.

قال الرَّافِعِيُّ: أورد الشَّافعي -رضي الله عنه- والأصحاب -رحمهم الله- هذه المسألة في خلالَ مَسائِل السُّنة والبدعة، وإن لم يَعْظُمْ تعلقها بها، وصورَتُها أن يقول لزوجته: أنت طالقٌ ثلاثاً في كل قُرْء طلقةً، أو أنتِ طالقٌ في كل قرء طلقةً، ولها أحوالٌ ثلاثٌ إحداها: أن تكونَ حائلاً من ذوات الأقراء، فإِمَّا أنْ تكونَ غيْر مدخولٍ بها، أو مدخولاً بها، فإن كانت غير مدخولٍ بها، نُظِرَ إن كانت حائضاً، لم يقع الطَّلاق على المشهور، وهو المذكور في الكتاب لأن الأقراءَ عنْدنا الأطْهَارْ، وحكى أبو سعد المتولِّي، وغيره أن الشيخ أبا حامد قَال: يقع عليها في الحال طلقة لأنَّها غير مخاطبة بالعِدَّة، فحيضها كطُهْرها، وإن كانت طاهراً (١) وقَعَتْ في الحال طلقة، وتبين بها فلا


(١) في ب: طاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>