للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرَّافِعِيُّ: إذا وصَف الطلاق بصفة من صفات المدح بان قال: أنتِ طالقٌ أجْمَلَ الطلاقِ أو أفضلَه [أو] (١) أعدله أو أحسنه أو كمله أو أتمه أو أجوده أو خيَر الطلاق أو أنت طالقٌ للطاعة، ولم ينو شيئاً، فهو كما لو قال: أنتِ طالقٌ للسنّة، حتى لا يقَع، إن كان في حال البدعة حتَّى ينتهي إلى حال السنة، وإن نوى شيئاً نُظِرَ؛ إن نوى ما يقتَضِيه الإِطْلاق، فذاك ونيته مؤكّدة، وإن قال أردت طلاق البدعة قبل لأنه من حقها أحْسَن من جهة سوء خُلُقها أو عشرتها، فإن كانت في حال البدعة؛ لأنَّه غَلَّظ على نفسه (٢)، وإن كانت في حَال السنة لمْ يُقبل في الطاهر، ويدين، وقد يَجيْء خلاف في الظاهر، وإذا وصَف الطلاق بصفة من صفات الذمِّ، فقال: أنتِ طالقٌ أَقبح الطلاق أو أسمجه أو أفضحه أو أفظعه أو أردأه أو أفحشه أو أنتنه، أو أنت طالقٌ شَرَّ الطلاق وما أَشْبَه ذلك، فهو كقوله: أنتِ طالقٌ للبدعة، حتى لا يقع، وإن كانَت في حال السنة حتى تنتهي إلى حال البدعة، وإن قال: أردت قبح الطلاق من جهة حُسْن خلقها وعشرتها أو قال: أردتُّ أن أقبح أحوالها أن تَبِينَ مني، وَقَع في الحال؛ لأنه غَلَّظَ على نفسْه، وإن قال: أردتُّ أن طلاق مثل، هذه في حال السنّة أقبح، فقصدت بقولي "أقبح" أن تطلَّق في حال السنّة، لم يُقبل في الظاهر، ويدين.

ولو قال: أنْتِ طالقٌ للحرج فهو كقوله أو طلاق الحرج للبدعة، ولو خاطب بهذه ألفاظ الَّتي لا سنّة في طلاقها، ولا بدعة، فهو كما لو قال لها: للسنّة أو للبدعة، وقد مَرَّ، ولو جمع بين صفتي المَدْح والذَّمِّ، فقال: أنْتِ طالقٌ طلقةً حسنةً قبيحةً أو جميلةً


(١) في ز: و.
(٢) قال الشيخ البلقيني: جزم بالقبول هنا وقد ذكر قبل هذا فيمن قال لذات سنة وبدعة في حال البدعة أنتِ طالقٌ طلاقاً سنّياً ونوى الوقوع في الحال عن المتولي أنه لا يقع في الحال لأن النية إنما تعمل فيما يحتمل اللفظ لا فيما يخالفه صريحاً، وإذا تنافيا لغت النية وعمل باللفظ لأنه أقوى فيمكن أن يأتي مثله ذلك هنا ويحتمل الفرق من جهة صراحة السنّة وظهور الصفات المذكورة واحتمال تأويله فتقع في الحال وتظهر مسألة المتولي بما لو اشترى بعين مال الموكل وقال نويت أنه لي فإنه لا يسمع منه. انتهى.
وقال في الخادم: لم يظهر لي فرق بينهما من حيث المعنى، وهذا الذي قاله المتولي تبع فيه شيخه القاضي الحسين وعلله بأنه نوى ما لا لفظ له، لكن كلام الشَّافعي رضي الله عنه في الأم مخالفة حيث قال: وإذا قال لامرأته التي تحيض وقد دخل بها: أنتِ طالقٌ السنّة سألته، فإن قال أردت أن يقع الطلاق عليها السنّة أو لم يكن له فيه نية، فذكر حكمه وإن قال أردت أن يقع حين تكلمت به وقع حائضاً كان أو طاهراً بإرادته.
قال الشَّافعي: إذا قال أحسن الطلاق أو أجمله ونحو ذلك سألته عن نيته، فإن قال لم أنوِ شيئاً، وقع الطلاق للسنّة، وكذا لو قال ما نويت إيقاعه في وقت أعرفه، وكذلك لو قال: لا أعرف حسن الطلاق ولا قبيحه إلى آخر النص ثم أطال في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>