للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أرضعتِ الزوجَ، هذا هو (١) النص، والظاهرُ فيه وجه: أن قَتْلَها نفْسَها كموتها.

والقسم الثاني: إذا حصل الهلاكُ لا يفعل المستحِقِّ أما الأَمةُ إذا قتلها أجنبي أو ماتت، فظاهر المذهب وجوبُ المهر، وعن الإِصطخري سقوطُه؛ بناءً على أن السيد يزوِّج بحكْم الملك، فهلاَكُهَا قبل الدخول كهلاكِ المبيع قبل القَبْض، ولو قتلها الزوْجُ، فالحكم ببقاء المهر أظهر، وفيه وجه أنَّه يسقط أيضاً، وقتل الزوج لا يتضمِّن القبض كالمستأجر إذا قتل العبد المستأجر، وأما الحرَّة، إذا قتَلَها الزوج أو أجنبيٌّ، أو ماتت، لم يسقط المهر بحال، والظاهرُ في قتل السيدِ الأَمةَ سقوطُ المهر، وفي سائر الصُّوَر وجوبه، وقال أبو حَنِيْفَة: إذا قتل السيدُ الأمةَ، سَقَط المهر، وإذا قتلت الأمةُ نفْسَها، لا يسقط، وفي قَتْلِ الأمةِ نَفْسَها روايتان، وبقي المسألة شيئان أحدهما حكى جماعة من الأصحابُ خلافاً في أن المهر على النصِّ لم يَسْقُط إذا قتل السيدُ أمته، قَالَ بَعْضُهُم: إنما يسقط؛ لأن المقصودَ بالعَقْدِ الْوَارِدِ على المِلْك، قد فَاتَ قبل التسليم، فأشبه فوات المبيع قبل القَبْض، وهَذَا أظهر، إن قلْنا: إن السيد يزوِّج بحكم الملك.

وقال آخرون: إن المستحِقَّ هو الذي فوَّت المعقود علَيْه، فلا يتمكَّن مِن الْمَطَالَبَة بعِوَضِهِ، وكان تفويته رضاً منه بالسقوط، وخرَّجوا سائر الصور على هذَيْن الْمعنَيَيْن، فَأما إذا ماتَتِ الأمة أو قتلها أجنبيٌّ، سقط الْمَهرُ على المعنَى الأوَّل، ولا يسقط على المعنَى الثانِي، وكذلك لو قتَلَتِ الأمةُ نفْسَها، وإذا قتلتِ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا، فعلى المعْنَى الأول؛ لا يسقط المهر، وعلى الثاني يسقط الثاني.

قال صاحب "التهذيب": إذا قلنا: إن السيد إذا قتل أَمَتَهُ، سقط المهر، ولو تزوَّج رجلٌ أمة [أبيه] (٢)، فوطئها الأب قبْل أن يَدْخُلَ الابْنُ بِهَا، وجب أن يسقط المهر؛ لأن قطع النِّكَاحِ حصَلَ من مستحِقِّ المهر قبل الدخول.


(١) قال في المهمات: يرد على هذ أن التفصيل بين الحرة والأمة هو تقرير النصين فكيف يستقيم مع تصحيحه أن يكون الصحيح طريقة التخريج، ومتى صححت طريقة التخريج فالراجح منها إما السقوط أو عدمه من غير تفصيل.
قال في التوسط: هذا الانتقاد ضعيف لأن الرافعي والنووي لم يصححا طريقة التخريج بل قالا إنها أشهرهما وكم من طريقة مشهورة الراجح خلافها على أنا قدمنا أن الأكثرين على تقرير النصين. انتهى.
وفي هذا الرد على المهمات نظر. وقال الشيخ البلقيني: قولهم تبعاً للنص إن قتلها سيدها سقط مهرها هل هذا مخصوص بالقتل العمد أو يعم العمد والخطأ حتى في وقوعها في بئر حفرها عدواناً لم أرَ من تعرض لذلك والظاهر من كلامهم أنه لا فرق. انتهى. قاله البكري.
(٢) في ز: ابنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>