للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونزيد أمراً رابعاً وهو اختصاصه بالموصِي، إذا قلْنا: لا تجوزُ الوصية بمال الغير.

وقوله: "ولا يُشْتَرَطُ كونُه موجوداً، أو عيناً إذ تَصحُّ بالحمل، وثمرة البستان" أراد به العمل الذي سيُوجَد، والثمرة التي ستَحْدُث، وأجاب فيهما بالأظهر، ويجوز أن يُعْلَمَ بالواو؛ لما فيهما من الخلافِ، وشرط في "الوسيط" أن يكون الموصَى به موجوداً، وذلك إمَّا أن يحمل عَلَى ما إذا اقتضى اللفظ الوجودَ عند الوصية، كما إذا قال: أوصيتُ لك بحَمْلِ فلانةٍ، ولم يصرِّحْ بالحمل المستقبل، أو يُقَال: إنه جوابٌ على أنه لا تصحُّ الوصية بالحَمْل الذي سيُوجَدُ على خلاف الجواب هاهُنَا.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ أوصى بِكَلْبٍ وَلاَ كَلْبَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ شِراءَهُ مُتَعَذِّرٌ، وَإِنْ كَانَ كِلاَبٌ لَهُ لاَ مَالَ لَهُ سِوَاهَا فَوَجْهُ اعْتِبَارِهِ مِنَ الثُّلثُ تَقْدِيرُ القِيمَةِ (و) لَهَا، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ بِعَدَدِ الْرُؤُوسْ، وَقِيلَ: يُقَدَّرُ بِتَقْوِيمِ المَنْفَعَةِ، وَكِلاَ الوَجْهَيْنِ مُتَعَذِّرٌ فِيمَنْ لاَ يَمْلِكُ إِلاَّ كَلْباً وَطَبْلَ لَهْوَ وَزِقَّ خَمْرٍ وَأَوْصَى بِوَاحِدٍ مِنْهِا، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ نَفَذَ وَإِنْ قَلَّ المَالُ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ ضِعْفِ الكَلْبِ الَّذِي لاَ قِيمَةَ لَهُ، وَقِيلَ: يُقَدَّرُ كَأَنَّهُ لاَ مَالَ لَهُ وَيُرَدُّ إلَى ثُلُثِ الْكِلاَبِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصْلِ فرعان متعلِّقان بالوصيَّة بالكلب:

أحدهما: إذا قال: أعطوه كلباً من كِلابي؛ وله كلابٌ يحل الانتفاع بها من كلْبِ صيدٍ، وزرعٍ، وماشيةٍ، أُعْطِيَ واحداً منها (١).

ولو قال: كلباً من مالي، فكذلك، وإن لم يكن الكلب مالاً؛ لأن المنتفع به من


(١) قال في الخادم: فيه أمران:
أحدهما: أطلق الاعطاء وشرطه أن يكون الموصى له ممن يحل له الانتفاع به، بأن يكون صاحب صيد أو حرث أو ماشية، فإن لم يكن صاحب واحد منها ففي صحة الوصية وجهان في الحاوي لعلهما الوجهان في جواز اقتنائه لمن ليس له سعيد ولا حرث ولا ماشية فإنه حكى وجهين، وقال النووي في شرح المهذب هناك: ظاهر كلام الجمهور القطع بالتحريم، وإن ابن الصباغ حكى فيه وجهين والأقرب المنع.
الثاني: قضيته تخيير الوارث مطلقاً، وينبغي تقييده بما إذا كان الموصى له اجتمعت فيه الأسباب بأن كان صاحب سعيد وحرث وماشية، فإن لم يكن كذلك بل كان ممن ينتفع بأحدها لزم الوارث إعطاءه ما ينتفع به دون غيره. جزم به الدارمي في الاستذكار، وحكى الماوردي في المسألة وجهان من غير ترجيح، ورجح بعض المتأخرين عدم التعيين، فإن اللفظ عام، وليس في لفظ الموصي ما يقدر حتى التخصيص والراجع ما قاله الدارمي، وحاصل الوجهين أنا هل نعتبر منفعة الكلب أو منفعة الموصى له.

<<  <  ج: ص:  >  >>