للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتبروا التعرض لأمرٍ سَادِسٍ، وهو الجَوْدَة، وهذا لا يختص بالرقيق ولا بالحيوان، وستعرف حكمه من بعد إن شاء الله تعالى.

وقوله: (ثم ينزل كل شيء على أقل الدرجات) معناه: أنه إذا أتى بما يقع عليه اسم الوصف المشروط كفى ووجب القبول؛ لأن الرتب لا نهاية لها، وهذا كما ذكرنا فيما إذا باع العبد بشرط أنه كاتب أو خبَّاز، والمسألة لا اختصاص لها بهذا الموضع، بل تعمّ كل مسلم فيه، ولا يشترط وصف كل عضو على حِيَاله بأوصافه المقصودة، وإن تفاوت بها الغرض والقيمة؟ لأن ذلك يورث عزة المَوْصُوف، لكن في التعرّض للأوصاف الَّتي يعتني بها أهل البصر وترغب بها في الأَرقّاء كالكُحْل والدَّعَج (١) وتَكَلْثُم الوجه وسمن الجارية وما أشبهها وجهان: أحدهما وبه قال الشيخ أبو محمد: أنه يجب؛ لأنها مقصودة ولا يورث ذكرها العزة.

وأظهرهما؟ أنه لا يجب؛ لأن الناس يتسامحون بإهمالها، ويعدون ذكرها استقصاء. وعن القَفَّال: تردد رأي في المَلاَحَة بناء على أنها من جملة المعاني، أو المرجع بها إلى ما يميل إليه طبع كل أحد.

والأظهر: أنه لا يعتبر.

واعلم أن الشافعي -رضي الله عنه- ذكر في السَّلَم في العبد أنه يقول: خماسي أو سداسي وأنه بيصف سنه، واختلفوا في التفسير فمنهم من قال: أراد بالخماسي والسداسي التعرض للقَدّ يعني خمسة أَشْبَار أو ستة أشبار.

ومنهم من قال: أراد به السن، يعني ابن خمس أو ست فمن قال بالأول حمل قوله: "يصف سنه" على المعنى الثاني، ومن قال بالثاني حمل قوله: "يصف سنه" على الأسنان المعروفة، وأنه يذكر أنه مُفَلّج الأسنان أو غيره، وذلك من طريق الأولى دون الاشتراط، كالتّعرض لجُعُودَةِ الشَّعر أو سُبُوطَتِهِ. وحكى المسعودي أي الخُمَاسي والسُّدَاسي صنفان من عبيد النوبة معروفان عندهم. فرع: ذكر الشيخ أبو حامد في آخرين: أنه لا يجب ذكر الثّيَابة والبَكَارة في الجارية. وعن الصَّيْمَرِيّ: أنه يجب، وبه أجاب صاحب "المهذب" وهو الأولى. آخر: لو شرط كون العبد يهودياً أو نصرانياً جاز كشرط كونه خبازاً، ولو شرط كونه ذا زوجة، وكون الجارية ذات زوج، فعن الصَّيْمَرِي: أنه جائز (٢)، وزعم أن ذلك مما لا يندر، وعنه أنه لو شرط كونه سارقاً أو


(١) هو شدة سواد العين مع سعتها.
(٢) بخلاف كونه شاعراً لأن الشعر طبع لا يمكن تعلمه فيعز وجوده بالأوصاف المذكورة وبخلاف خفة الروح وعذوبة الكلام وحسن الخلق للجهالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>