للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجَارِيةَ مَاشِطَة جاز، وَلمدعٍ أنْ يدّعي نُدْرة اجتماع صفة الكِتابة والمَشْط مع الصّفات التي يجب التَّعرض لها، بل قضية ما أَطْلَقُوه تَجْوِيز السَّلَم في عبد وجارية بشرط كون هذا كاتباً وتلك مَاشِطَة، وكما يندر كون أحد الرَّقِيقين ولدا للآخر مع اجتماع الصِّفَات المشروطة فيهما، فكذا يَنْدُرْ كَوْن أحدهما كاتباً والآخر ماشطاً مع اجتماع تلك الصفات، فَلْنُسَوِّي بين الصورتين في المنع والتَّجويز.

ولو أسلم في جارية وشرط كونها حاملاً فطريقان:

أظهرهما: المنع؛ وعللوه بأن اجتماع الحَمْل مع الصفات المشروطة نادر، وهذا يؤيد الإِشْكَال الذي أوردناه.

والثاني وبه قال أبو إسحاق وأبو علي الطَّبَرِي وابن القَطَّان: أنه على قولين بناء على أن الحمل هل له حكم أم لا؟

إن قلنا: نعم، جاز، وإلاَّ فلا، لأنه لا يعرف حصوله، وهما كالقولين في الشِّرَاء بهذا الشرط، ولو شرط كون الشَّاة المُسَلّم فيها لَبُوناً فقولان مَنْصُوصَان، وقد ذهب الشَّيْخ أَبُو حَامِدٍ إلى تَرْجيح قول الجَوَاز كما مر في شراء الجارية بشرط أنها لَبُون، لكن قضية توجيه أظهر الطريقين في صورة الحَمْل تقتضي ترجيح المنع هاهنا أيضاً، وبه أجاب صاحب "التهذيب".

قال الغزالي: وَيجُوز السَّلَمُ فِي الحَيَوَان (ح) لِلأَخْبَارِ وَالآثَارِ فِيهِ فَيُتَعَرَّض لِلنَّوْعِ، وَاللَّوْنِ، وَالذُّكُورَة، وَالأُنُوثَةِ وَالسِّنِّ فَيَقُولُ عَبْدٌ تُرْكِيٌّ أَسْمَرُ ابنُ سَبْعٍ طَوِيلْ أَوْ قَصِيرٌ أَوْ رَبْعٌ، ثُمَّ يَنْزِلُ كُلُّ شَيْءٍ عَلَى أَقَلِّ الدَّرجَاتِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ وَصْفُ آحَادِ الأَعْضَاءِ إِذْ يُفْضِي اجْتِمَاعُهَا إلَى عِزَّةِ الوُجُودِ، وَفي الكُحْلِ وَالدَّعَجِ وَتكَلْثُمِ الوَجْهِ وَالسِّمَنِ فِي الجَارَيةِ، وَمَا لاَ يَعِزُّ وُجودُهُ وَلَكِنْ قَد يُعَدُّ اسْتِقْصَاءً فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَكَذا في ذِكْرِ المَلاَحَةِ وَيقُولُ في البَعِيرِ: ثَنِيٌّ أَحْمَرُ مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلاَنٍ غَيْرُ مَوْدُونٍ أَيْ غَيْرُ نَاقِصِ الخِلْقَةِ، وَيتَعَرَّضُ فِي الخَيْلِ لِلَّوْنِ، وَالسِّنِّ، وَالنَّوْعِ، وَلاَ يَجِبُ التَّعَرّضُ لِلشِّيَاتِ كَالأَغَرِّ وَاللَّطِيمِ، وُيتَعَرَّضُ فِي الطُّيُورِ لِلنَّوْعِ، وَالكبَرِ، وَالصِّغَرِ مِنْ حَيْثُ الجُثَّةُ.

قال الرَّافِعِيُّ: يجوز السَّلَم في الحيوان، وبه قال مالك وأحمد خلافاً لأبي حنيفة؛ لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَشْتَرِيَ بَعِيراً بِبَعِيرَينِ إِلَى أَجَلٍ" (١).


(١) تقدم في باب الربا.

<<  <  ج: ص:  >  >>