قال الرَّافِعِيُّ: يشترط أنْ يكون المسلم فيه معلوم القدر للخبر (١)، والإعلام تارة تكون بالكيل، وأخرى بالوَزْن أو العَدَد أو النَّوع.
وقوله في الحديث:"في كيل معلوم ووزن معلوم" ينبغي أن يعرف فيه شيئان:
أحدهما: أنه ليس أمراً بالجمع بين الكَيْل والوزن، بل الجمع قد يكون مُبْطلاً، كما لو أسلم في ثَوْبٍ ووصفه وقال: وزنه كذا أو أسلم في مائة صَاع حِنْطة على أن يكون وزنها كذا، لا يصح لأنه يورث عزة الوجود.
قال الشيخ أبو حامد: لكن لو ذكر وزن الخشب مع الصِّفات المشروطة جاز؛ لأنه لو كان زائداً أمكن نَحْتُه حتى يعود إلى القَدْرِ المَشْرُوط. إذا تقرَّر ذلك فالمُرَادُ من الخبر الأمر بالكَيْلِ في المَكِيلات، والوَزْن في الموزونات.
الثَّاني: هذا الأمر ورد على العَادَة الغَالِبَة في النَّوْعين لا لِلتَّعْيِين، فيجوز ذكر الوزن في المَكِيْلات، والكَيْل في الموزونات، الَّتي يتَأتَّى فيها الكَيْل بخلاف الرَّبَوِيَّات؛ لأن المقصود هاهنا معرفة المِقْدَار، وكل واحد منهما مَعْرُوف، وثم نص الشَّارع على طريق المماثلة فوجب الاتِّباع.
وعن أبي الحسين ابن القَطَّان: أن بعض الأَصْحَاب منع من السَّلَم كَيْلاً في الموزونات والمَشْهور الأول، لكن إمام الحَرَمَيْن حمل ما أطلقه الأصحاب على ما يعتاد الكَيْل في مثله ضابطاً.
أما لو أسلم في فُتَات المِسْك والعَنْبَرِ ونحوهما كيلاً لم يصح؛ لأن للقدر اليَسِير منه مالية كبيرة، والكَيْل لا يعد ضابطاً فيه.
ثم في الفصل صورتان:
إحداهما: السَّلَم في البَطِّيخ والقِثَّاء والرُّمّان والسَّفَرْجَل، والبَاذِنْجَان والبَيْض جائز، والمعتبر فيها الوَزْن دون الكيل؛ لأنها تَتَجَافَى في المِكْيَال، ودون العدد لكثرة
(١) خبر ابن عباس من أسلف في شيء ... البخاري (٢٢٣٩) ومسلم (١٢٧/ ١٦٠٤).