حتى انتفخ بطنها، فتخيل المشتري كونها حاملاً، أو أرسل الزّنْبُور في ضَرْعها حتى انتفخ فظنها لَبُوناً؛ لأن الحمل لا يكاد يلتبس على الخَبِير، ومعرفة اللبن متيسرة بعَصْر الثَّدي بخلاف صورة التَّصْرِية.
وأما لفظ الكتاب فقوله: "ولو بعد ثلاثة أيَّام"، يجوز إعلامه بالواو للوجه الذاهب إلى أنه لو تبين التَّصْرِية بعد الثلاثة، لم يثبت الخِيَارِ.
قوله: "ردها" بالحاء.
وقوله: "بدلاً عن اللبن الكائن في الضرع" أي: عند البيع، وظاهر اللفظ يقتضي ردّ الصَّاع، وإنْ نفى اللبن وهو أصح الوجهين كما مر.
وقوله: "لورود الخبر"، تعليل لقوله: "ردها وردّ معها". وقوله: "فلا خيار" معلم بالواو وهو في صورتي الأتان والجارية، جواب على خلاف اختيار الأكثرين.
وقوله: "وأحوط المذهبين" أي: الوجهين.
وقوله:: "للاتباع"، إشارة إلى ما ذكره الأئمة من أن مأخذ الخلاف في المَسْألتين ونحوهما الاقتصار على مورد الخبر واتباعه أو رعاية المعنى.
فرع: لو بَانَت التَّصْرية، ثم درَّ اللبن علي الحد الذي شعرت به التَّصْرية واستمر كذلك، ففي ثبوت الخيار وجهان كالوجهين فيما إذا لم يعرف العيب القَدِيم إلاَّ بعد زواله، وكالقولين فيما إذا أْعتقت الأمة تحت العبد، ولم تعرف عتقها حتى عُتق الزَّوج.
فرع: رضي بإمساك المُصَرَّاة، ثم وجد بها عيباً قديماً، نص أنه يردُّها ويرد بدل اللَّبن أيضاً.
وعن رواية الشَّيخ أبي علي وجه: أنه كما لو اشترى عبدين، فتلف أحدهما وأراد رد الآخر، فتخرج على تفريق الصفقة -والله أعلم-.
قال الغزالي: وَثُبُوتُ الخِيَارِ بالكَذِب في مَسْأَلَةِ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ مِنْ بَابِ التَّغْرِيرِ، وَكَذَلِكَ خِيَارُ النَّجَشِ إِذَا كَانَ عَنِ اتِّفَاقِ مُوَاطأةِ البَائِعِ عَلَى أَقْيَسِ المَذْهَبَيْنِ، وَلاَ يَثْبُتُ (م) بِالغَبْنِ خِيَارٌ إِذَا لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى تَغْرِير يُسَاوِي تَغْرِيرَ المُصَرَّاةِ حَتَّى لَوِ اشْتَرَى جَوْهَرَةً رَآهَا فَإذَا هِيَ زُجَاجَةٌ فَلا خِيَارَ.
قال الرافعي: الخيار في تلقي الرُّكْبَان (١) قد ذكره في المَنَاهي وشرحناه، والغرض
(١) الركبان: جمع راكب ضد الراجل، وهو الماشي والتعبير جرى على الغالب، وإلا فمثل الراكب الماشي فيما يذكر، ويسمى أيضاً خيار تلقي الجلب مصدر بمعنى المجلوب. ومعناه ثبوت الخيار =