أحدهما، وبه قال أبو حامد المَرُوزي: أنه يمتد ثلاثة أيام لظاهر الخبر.
والثاني: وهو الأصح، وبه قال ابن أبي هريرة: أنه على الفور كخيار العيب، وما ذكره في الخبر بناء على الغالب، إذ التَّصْرِية لا تتبين فيما دون الثلاثة غالباً؛ لأنه يحمل النقصان على اختلاف العلف وتبدل الأيدي وغيرهما، وللوجهين فروع:
أحدها: لو عرف التَّصْرية قبل ثلاثة أيام بإقرار البائع، أو بشهادة الشهود ثبت له الخيار على الفور في الوجه الثاني. وعلى الأول يمتد إلى آخر الثَّلاَثة، وابتداؤها من وقت العقد أو من وقت التَّفرق، يعود فيه الوجهان المذكوران في خيار الشرط.
والثاني: لو عرف التَّصْرِية في آخر الثَّلاَثة أو بعدها ذكر في "الحاوي": أن على الوجه الأول: لا خيار له لامتناع مجاوزة الثلاث كما في خيار الشرط.
وعلى الثاني يثبت، وعلى هذا فهو على الفور بلا خلاف.
والثالث: لو اشترى وهو عالم بكونها مُصُرَّاة، فعلى الأول: له الخيار أخذاً بظاهر الخبر. وعلى الثاني لا خيار كسائر العيوب.
الثانية: ظهور التَّصْرية إن كان قبل الحلب رده ولا شيء عليه، وإن كان بعده فاللَّبن إما أن يكون باقياً أو تالفاً، إن كان باقياً فلا يكلف المشتري رده مع المصراة؛ لأن ما حدث بعد البيع ملك له، وقد اختلط بالمبيع وتعذر التمييز، وإذا أمسكه كان بمثابة ما لو تلف، وإن أراد رده فهل يجب على البائع أخذه؟ فيه وجهان.
أحدهما: نعم؛ لأنه أقرب إلى استحقاقه من بدله.
وأصحهما: لا، لذهاب طَرَاوَتِه بِمُضِي الزَّمان، ولا خلاف في أنه لو حمض وتغير لم يكلَّف أخذه، وإن كان اللبن تالفاً رد مع المُصَراة صاعاً من تمر، ولا يخرج ردها على الخلاف في تفريق الصَّفقة لتلف بعض المبيع وهو اللبن اتِّباعاً للأخبار الواردة في الباب على أن اللّبن في رأي لا يقابله قسط من الثمن، وهل يتعيَّن للضم إليها جنس التمر وقدر الصَّاع؟ أما الجنس، ففيه وجهان:
أصحهما: عند الشيخ أبي محمد وغيره: أنه يتعيَّن التمر [ولا يعدل عنه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- (صاعاً مِنْ تَمْرٍ لا سَمْراء). ويحكى هذا عن أبي إسحاق، وعلى هذا لو أعوز التمر قال الماوردي: يرد قيمته بالمدينة. والثَّاني: لا يتعين، وعلى هذا فوجهان:
أصحهما: أن القائم مقامه الأقوات كما في صدقة الفطر.
قال الإمام: لكن لا يتعدى هاهنا إلى الأقط بخلاف ما في صدقة الفطر للخبر، وعلى هذا فوجهان: