للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الْمُتَابِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ". (١)

ولنفصل القول فيما يثبت فيه خِيَار المَجْلس من العقود وما لا يثبت، والعقود ضربان:

أحدهما: العُقُود الجائزة، إمَّا من الجانبين كالشّركة، والوِكَالَة والقِرَاض والوَدِيعة والعَارِية، أو من أحدهما كالضَّمان والكِتَابة، فلا خِيَار فيهما. أمَّا الجائزة من الجَانِبين فلأنهما بالخيار فيها أبداً، فلا معنى لخيار المجلس. وأمَّا الجائزة من أحد الجانبين، فلمثل هذا المعنى في حقِّ مَنْ هي جائزة في حقه، والآخر دخل فيهما موطِّناً نفسه على الغَبْن، ومقصود الخِيَار: أنْ ينظر وَيتروّى ليدفع الغَبْن عن نفسه، وكذا الحكم في الرهن، نعم لو كان الرهن مشروطاً في بيع وأقبض قبل التفريق أمكن فسخ الرهن بأن يفسخ البيع حتى ينفسخ الرهن تبعاً.

وحكى القاضي ابن كج عن بعض الأصحاب وجهاً: أنه يثبت الخيار في الكتابة.

وعن ابن خيران: أنه يثبت في الضَّمَان وهما غريبان.

والضَّربْ الثَّانِي: العقود اللاَّزِمة وهي نوعان: العقود الواردة على العَيْن، والعقود الواردة على المَنْفَعَة.

أما النَّوع الأول: فمنه أنواع البيع كالصَّرف وبيع الطَّعَام بالطَّعَام والسّلم والتَّوْلِية والتَّشْريك وصلح المُعَاوَضَة، فيثبت فيها خِيَار المَجْلس جميعاً لظاهر الخبر، ويستثنى صور:

إحداها: إذا باع مال نفسه من ولده أو بالعكس، ففي ثبوت خيار المَجْلِسِ وجهان:

أحدهما: لا يثبت؛ لأن الذي ورد في الخبر لفظ "المتبايعين"، وليس هاهنا متبايعان.

وأصحهما: يثبت؛ لأنه أقيم مقام الشخصين في صحة العقد فكذلك في الخيار، ولفظ الخبر ورد على الغالب، فعلى هذا يثبت للمولى خيار وللطفل خيار، والولي نائب عنه، فإن ألزم لنفسه وللطفل لزم، وإن ألزم لنفسه بقي الخِيَار للطِّفْل، فإذا فارق المَجْلس لزم العَقْد في أصَحِّ الوجهين.

والثَّاني: لا يلزم إلا بالإلزام؛ لأنه لا يفارق نفسه، وإن فارق المجلس.


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>