للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعطاء (١)، وابن المسيب (٢)، وغيرهم، -رضي الله عنهم- وعلام بُنِي ذلك؟ فيه وجهان:

أحدهما: أن إيجابها لما بَيْنَهُمَا مِنَ الشَّبَهِ، فإن كل واحد منهما يألف البيوت، ويأنس بالناس.

وأصحهما: أن مستنده توقيفُ بَلَغَهُمْ فِيهِ.

وأما غيره، فإن كان أصغر من الحمام في الجنة كالزُّرزور، والصَّعْوَة، والبلبل، والصَنبرة (٣)، والوَطْوَاط، فالواجب فيه القيمة قياساً (٤) وقد روى عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم حكموا في الجراد بالقيمة ولم يقدروا.

وأن كَانَ أكبرُ مِنَ الحَمَامِ، أو مِثْلاً لَهُ ففيهما قولان:

أحدهما: أن الوَاجِبَ شَاةٌ، لأنها لما وجبت في الحَمَام، فلأن تجب فيما هو أكبر منه كان أولى.

والثاني: وهو الجديد وأحد قوليه في القديم: أن الواجب القيمة، قياساً، كما لو كان أصغر.

وعن الشيخ أبي محمد: أن بناء القولين على المأخذين السَّابقَيْنِ، إن قلنا: وجوب الشاة توقيف صرف، ففي الأكبر أيضاً شاة استدلالاً، وإن قلنا: إنه مأخوذ من المُشَابَهَةِ بِينهما فَلاَ، وقوله في الكتاب: (ففيها بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، إلى آخرها) يجوز إعلامها بالحَاءِ، لأن أبا حنيفة -رحمه الله- لا يوجب المثل في شَيْءٍ من الصيود. وقوله: (وفي الصغير صغير) أراد به أن كل جنس من الصيود المثلية، يعتبر فيما يجب فيه من النَّعَمِ المماثلة في الصِّغَرِ والكِبَرِ، ففي الصَّغِيرِ صَغِيرٌ، وفي الكبير


(١) أخرجه ابن أبي شيبة، انظر المصدر السابق.
(٢) أخرجه البيهقى، انظر المصدر السابق.
(٣) قال الجوهري: وقد جاء في الشعر قنبرة كما تقوله العامة. وقال البطليوسي في شرح أدب الكاتب "وقنبرة" أيضاً بإثبات النون، قد: وهي لغة فصيحة وهو ضرب من الطير يشبه الحمرة وكنية الذكر منه أبو صابر وأبوالهيثم والأنثى أم العلعل. (ينظر حياة الحيوان ٢/ ٢٨٣).
(٤) قال الاسنوي: هذا الذي ذكره من وجوب القيمة في الوطواط غير مستقيم، وذلك لأن القاعدة التي ذكرها هو وغيره أنّ ما لا يحل أكله لا يحرم على المحرم التعرض له، ولا يجب الجزاء بقتله إلا المتولد بين المأكول وغيره تغليباً للحرمة والوطواط لا يحل أكله، كما قال في باب الأطعمة وعبر عنه بالخفاش، ولم يحك فيه خلافاً. انتهى ما أردته منه ونقل في الخادم أن الجزاء إنما يجب فيه تقدير كونه مأكولاً فقال في "الأم": الوطواط فوق العصفور دون الهدهد، ففيه إن كان مأكولاً قيمته وذكر عن عطاء فيه ثلاثة دراهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>