للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئًا، لقيته بمثلها مغفرة)].

* قوله في هذا الحديث: (يقول الله) أفضل لهذه الأمة من أن لو قال: (قال الله عز وجل) لأن (يقول) فعل للحال وللاستقبال، فهو مما شرفت به هذه الأمة.

* وقوله: (من جاء بالحسنة) من: كلمة تقع على من يعقل. وقوله: (فله عشر أمثالها) وذلك لأن فعلات الحسنات يتفاوتن؛ فكل فعلة حسنة فإن الله تعالى يعوض عبده المؤمن عشر أمثالها (ثم قوله أو يزيد) فإن (أو) في لغة العرب تأتي بمعنى الواو، ولا سيما في كلام من لا يجوز عليه الشك سبحانه، فيكون المعنى وأزيد، وإن كانت (أو) على وجهها فإن معناها أن الحسنة لا تنقص عندي عن عشر أمثالها، بل هي إلا أن تزيد على عشر أمثالها أو تقف على عشر أمثالها.

* وقوله: (ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها) فذكر الحسنة بعد أن أتى بلام الملك فقال له: (عشر أمثالها) (١٧٥/ ب). فلما ذكر السيئة لم يقل فعليه سيئة مثلها، يعني أني إذ أجازيه فلي ذلك إلا أن هذا النطق لا يتناول إيقاع الجزاء إلا أن يشاء الله، وقد تقدم الكلام في (أو)، ولا أراها في هذا المكان إلا بمعنى الواو، قولًا واحدًا، لأنه لم يجعل جزاء السيئة إلا سيئة، والله تعالى لا يجوز أن يصدر عنه ما يسمى سيئة، فلما سمى المثلية سيئة عرفنا أنه لم يسمها سيئة وهو يفعلها لما بينا أن ما يصدر عنه تعالى لا يسمى سيئة.

* وقوله: (من أتاني يمشي) فعل مضارع وهرولة مصدر، والمصدر يقع تأكيدًا لفعله فهو أبلغ، وعلى أن الوقوف في المثل في جزاء الماشي على الهرولة ومن ورائها الشد، فإنه فيما أرى نوع معاتبة كيف جاء يمشي مشيًا ولم يكن سعيًا.

* وقوله (من لقيني بقراب الأرض خطيئة) أي بما يقارب ملأها، وخطيئة يجوز أن

<<  <  ج: ص:  >  >>