للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما لا يعقل (١).

وهي تفيد بعموم صلتها، منكوحة الأب سواء كانت حرة أو أمة بملك اليمين، لأن النكاح كما سبق حقيقة في الوطء عند البعض، ومجاز يمكن حمل الكلام عليه عند البعض الآخر.

قوله: ﴿نَكَحَ﴾ تردد اسم النكاح بين معناه الشرعي، وهو العقد، ومعناه اللغوي وهو الوطء، ويدخل في الوطء المحرَّم والمباح، والقاعدة تقتضي تقديم الحقيقة الشرعية وهي العقد؛ لأن الرسول بعث لبيان المعاني الشرعية، ولم يبعث لبيان المعاني اللغوية، كما أن الشرع طارئ على اللغة وناسخ لها، والحمل على الناسخ المتأخر أولى (٢).

وإذا حمل لفظ النكاح على معناه الشرعي، فإن المرأة التي زنى بها الأب لا تحرم على أبناءه، وهو قول المالكية والشافعية (٣).

وحمله بعض العلماء على الوطء دون العقد للقرينة المتصلة بالآية نفسها ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ والفاحشة: الوطء، والتغليظ إنما يكون في الوطء لا العقد، ولا مانع من هذا الحمل إذ القاعدة تقتضي حمل الكلام على حقيقته (٤) إلا إذا ورد ما يصرفه عنه، والصارف


(١) انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١١٨)، وقول القرطبي في جامعة (٥/ ١٠٠) عن (ما): " بمعنى الذي، أو بمعنى مَنْ، وقد تلقت الصحابة هذه الآية على هذا ".
(٢) انظر: تخريج الفروع على الأصول للزنجاني (٢٧٢).
(٣) انظر: موطأ مالك رواية مصعب الزهري (١/ ٥٨٠)، والأم للشافعي (٥/ ٢٥).
(٤) يقول ابن القيم في إعلام الموقعين (٥/ ١٩٢): " وكذلك قوله: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ إنما المراد به النكاح الذي هو ضد السفاح، ولم يأت في القرآن النكاح المراد به الزنا قط، ولا الوطء المجرد عن عقد ".

<<  <   >  >>