للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمر حتم، ولابُدَّ منه؛ لأن شعائر الله عظيمة لا يجوز التهاون بها، لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ [المائدة: ٢]، وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢]، فدَّل ذلك على وجوب إقامة شعائر الله، ومنها السعي بين الصفا والمروة (١).

١) سبب نزول الآية، وتفسير أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق للآية وفيه جواب لما ذهب إليه بعض العلماء من القول إن السعي بين الصفا والمروة تطوع وليس بركن ولا واجب.

وبيان ذلك أن عروة قال: " سألت عائشة فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: ١٥٨]، فوالله ما على أحد جناح أن لا يطَّوف بالصفا والمروة. قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت: لا جناح عليه أن لا يتطوَّف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يُسلموا يهلّون لمناة (٢) الطاغية، التي كانوا يعبدونها عند المُشلَّل (٣)، فكان من أهل يتحرّج أن يطوف بالصفا والمروة، فلمَّا أسلموا سألوا رسول الله عن ذلك. قالوا: يا رسول الله إنا كنّا نتحرَّج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله


(١) انظر: أضواء البيان للشنقيطي (٣/ ٢٨١).
(٢) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٣/ ٦٣٠): " مناة: بفتح الميم والنون الخفيفة: صنم كان في الجاهلية. وقال ابن الكلبي: كانت صخرة نصبها عمرو بن لحي لهذيل، وكانوا يعبدونها. والطاغية صفة لها إسلامية ".
(٣) المشلَّل: بضم الميم وفتح الشين، ولام مشدَّدة مفتوحة، وآخره لام ثانية، موضع على الطريق بين مكة والمدينة. والمشلل: ثنية مشرفة على قديد. ينظر: فتح الباري (٣/ ٦٣٠)، معجم البلدان (٥/ ١٣٦).

<<  <   >  >>