للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأصل فيها إذاً مجيئها بالياء (ليفعل) للغائب.

قال ابن قدامة: «وللأمر صيغة مبنيَّة تدل بمجردها على كونها أمراً إذا تعرَّت عن القرائن، وهي: (افعل) للحاضر، و (ليفعل) للغائب … » (١).

وقد نصَّ الأصوليون على كون هذه الصيغة من صيغ الأمر الصريحة، وأنها وبقية صيغ الأمر الصريحة سواء في دلالتها على الحكم.

يقول الإسنوي: «الأمر سواء كان بلفظ (افعل) كانزل، واسكت، أو (اسم الفعل) كنزال، وصه، (والمضارع المقرون باللام) كقوله تعالى: ﴿وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢]» (٢).

ولمَّا كان الأصوليون لا يعبرون إلا بصيغة (افعل) نبَّه بعضهم إلى عدم تميزها عن غيرها في دلالتها على الحكم.

قال الزركشي: «المراد بصيغة (افعل) لفظها، وما قام مقامها من (اسم الفعل) كصه، و (المضارع المقرون باللام) مثل ليقم … وإنما خصَّ الأصوليون (افعل) بالذكر لكثرة دورانه في الكلام» (٣).

تنبيه: اختلف النحاة أيهما الأصل في صيغة الأمر (افعل)، أو (ليفعل)، فذهب بعض النحاة إلى أن الأصل هو صيغة (ليفعل)؛ وذلك لأن الأمر معنى، والأصل في المعاني أن تستفاد بالحروف كالنهي؛ فكما يستفاد النهي من لا الناهية، كذا الأمر من لام الأمر (٤).


(١) روضة الناظر (٢/ ٥٩٥).
(٢) التمهيد (٢٦٦).
(٣) البحر المحيط (٢/ ٣٥٦ - ٣٥٧).
(٤) انظر: البحر المحيط (٢/ ٣٥٢).

<<  <   >  >>