لكن من قال كلمة الكفر سهوًا من غير شعور، أو لسبق لسان؛ كالذي قال:«اللهم أنت عبدي وأنا ربك»(١)، فأخطأ من شدة الفرح، هذا ليس كمن قالها عالمًا، وإن كان من غير اعتقاد؛ لكنه قالها عالمًا بمعناها، مختارًا متعمدًا.
فتأمل هذه الشبهة وهي قولهم: تكفرون من المسلمين أناسًا يشهدون أن لا إله إلا الله ويصلون ويصومون ثم تأمل جوابها فإنه أنفع ما في هذه الأوراق.
وقد ذكر الشيخ الشواهد من الأقوال الفقهية لأهل العلم في حكم المرتد، فالذي يعبد مع الله غيره، فيدعوهم ويستغيث بهم، ويتقرب إليهم؛ يصير مشركًا، ولو كان يقول لا إله إلا الله. والسبب أن هؤلاء كما تقدم في مطلع الكتاب لا يدركون ولا يفهمون معنى لا إله إلا الله، فلذلك يشركون مع الله، ويقولون: لا إله إلا الله، ويفعلون ما يناقض دلالتها ومقتضاها.
قوله:«ومن الدليل على ذلك أيضًا: ما حكى الله عن بني إسرائيل - مع إسلامهم وعلمهم وصلاحهم -؛ أنهم قالوا لموسى: ﴿اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأعراف: ١٣٨]، وقول أناس من الصحابة: «اجعل لنا ذات أنواط»، فحلف رسول الله ﷺ؛ أن هذا نظير قول بني إسرائيل: ﴿اجْعَل لَنَا إِلَهًا﴾ [الأعراف: ١٣٨] … ».