للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُون (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَّعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِين (٦٦)[التوبة]، فأخبر سبحانه أنهم كفروا بعد ما آمنوا؛ وذلك بسبب ما كان منهم من استهزاء، وقد جاء في سبب نزول هذه الآية عن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: «ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء»، فقال رجل في المجلس: كذبت ولكنك منافق؛ لأخبرن رسول الله ، فبلغ ذلك النبي ، ونزل القرآن، قال عبد الله بن عمر: فأنا رأيته متعلقًا بحقب ناقة رسول الله ، تنكبه الحجارة، وهو يقول: «يا رسول الله! إنما كنا نخوض ونلعب» ورسول الله يقول: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُون (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة] (١)، ولا شك أن من نواقض الإسلام وأسباب الردة الاستهزاء بالله أو القرآن أو الرسول، ولو قال: أنا أمزح.

فإذا أتى الإنسان بناقض من نواقض الإسلام؛ عالمًا عامدًا مختارًا، فإنه يكفر ولو كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. ومعنى كلام الشيخ أن الذين يدعون الصالحين ويستغيثون بهم ويعكفون على قبورهم؛ قد وقعوا في ناقض من نواقض شهادة أن لا إله إلا الله؛ ولذلك فلا ينفعهم أنهم ينطقون بلا إله إلا الله؛ لأن شهادة أن لا إله إلا الله تقتضي تخصيصه بالعبادة، فلا يرجى ولا يخاف، ولا يتوكل ولا يدعى إلا الله سبحانه.


(١) رواه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٢/ ١٧٢).

<<  <   >  >>