وزعم أن الغلو في الصالحين ليس بشرك؟! لا شك أنه أشد كفرًا، وبهذا يعلم بطلان هذه الشبهة، فإن الكفر يكون بكلمة، ويكون بفعل ويكون باعتقاد، وهذا كله يبين أن النطق بالشهادتين لا يعصم الدم والمال إذا أتى الإنسان بناقض من نواقض الشهادتين التي هي أسباب الردة.
ومن الوجوه التي يرد بها على هذه الشبهة: أن الصحابة ﵃ قاتلوا بني حنيفة أصحاب مسيلمة قتال الكفار، وسبوا نساءهم وذريتهم؛ مع أنهم ينطقون بالشهادتين ويؤذنون ويصلون، فعلم بهذا أن من أتى بناقض يكفر، ولو كان يتكلم بالشهادتين.
ولكن قد يقول الخصم: إن هؤلاء كفروا لأنهم ادعوا أن مسيلمة نبي، فيقال: نعم، إذا كانوا قد كفروا بأن رفعوا بشرًا إلى مرتبة النبي ﵊، فكيف بمن رفع بعض البشر؛ كشمسان أو يوسف أو غيرهم ممن تعظم قبورهم، ويدعون ويستغاث بهم من دون الله إلى مرتبة رب السماوات والأرض! فمن فعل هذا فإنه يكون كافرًا من باب أولى.
ومن الوجوه التي يرد بها على هذه الشبهة؛ ما وقع في خلافة علي ﵁، من تحريقه للسبئية الذين ادعوا فيه الإلهية (١)؛ مع أنهم كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله، ويدعون الإسلام، وهم من أصحاب علي، وتعلموا من الصحابة، وسموا بالسبئية؛ لأنهم أصحاب عبد الله بن سبأ، وهو الذي زين لهم هذا الباطل، فلما اعتقدوا في علي ﵁، ما يعتقده الضلال في هذا الزمان في يوسف وشمسان وتاج وغيرهم