ذكر أهل العلم في باب أحكام الردة أمورًا من وقع فيها وأقيمت علية الحجة وكان غير متأول؛ فإنه يكفر، فمن أقر بالتوحيد وجحد وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو الصوم أو الحج؛ كفر، لأنه تكذيب لله ورسوله فلو أقر الرجل بما جاء به الرسول ﵊ لكنه جحد شيئًا مما جاء به الرسول مما هو مقطوع به فإنه يكفر؛ لأن الله جعل المكذب لرسول مكذبًا لجميع الرسل، فقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِين (١٤١)﴾ [الشعراء]، وقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِين (١٢٣)﴾ [الشعراء]، وقال تعالى: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ﴾ [الفرقان: ٣٧]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا (١٥٠)﴾ ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (١٥١)﴾ [النساء]، وهكذا من كذب بشيءٍ مما جاء به الرسول ﷺ، فإنه يكفر، ولو صدق الرسول بكل شيء سوى ذلك، وهذا متفق عليه بين المسلمين؛ أن من أنكر هذا الشيء مما جاء به الرسول مما هو معلوم من الدين بالضرورة فإنه يكفر، ويصير مرتدًّا حلال الدم، قال النبي ﷺ:«من بدَّل دينه فاقتلوه»(١).
ولو قال: أطيع الرسول في كل شيء إلا في مسألة تحريم الخمر، فأنا لا أطيعه فيستحل الخمر، فإنه يكفر بذلك - نسأل الله العافية -، فإذا كان الأمر كذلك فكيف بمن جحد التوحيد الذي هو أعظم ما جاء به الرسل،