كل ذلك وغيره يدل على أن الغلس في حديث تلفعهن هو الذي زاد في المنع من معرفتهن لبعضهن البعض أو ممن يعرفهن ولو بالهيئة؛ لأن المرأة لو كانت كاشفة عن وجهها وصادفها رجل لا يعرفها فإنها لا تُعرف له ولو كانت كاشفة، ولم يصبح لكلام عائشة رضي الله عنها فائدة، فدل أنها تقصد ممن يعرفهن، ومن شدة الغلس والتلفع الذي يسترهن بالكامل وكون مروطهن سوداء لم يعرف بعضهن البعض.
قال الملا على القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح "باب تعجيل الصلوات"(متلفعات: بالنصب على الحالية أي: مستترات وجوههن وأبدانهن قال الطيبي: التلفع: شدة اللفاع وهو ما يغطي الوجه ويتلحف به، بمروطهن المرط بالكسر كساء من صوف أو خز يؤتزر به وقيل الجلباب وقيل الملحفة) انتهى.
فالمروط: أكسية واسعة كما في عدة أحاديث، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:(خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا})(١).