للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجاب عن شبهة الخصم لما ادعى احتمال اختصاصه بالفعل بأنه خلاف الظاهر، وأن الأصل أنه وأمته سواء في الأحكام، ذكر هذا في موضعين: في باب العموم والتخصيص (١)، وفي كتاب الأفعال (٢)، وهذا شيء عجيب مناقض لاختياره من قبل أن أفعاله وما خوطب به واحد معين لا يتعدى إلا بدليل (٣) - وقد سبق - (٤) " (٥).

• المثال الثاني:

قال ابن السبكي في مسألة (دلالة صيغة افعل المطلقة): "واعلم أن الشيخ أبا إسحاق في شرح اللمع (٦) أورد من جهة المعتزلة: أن ما ذكرتموه من الآيات يدل على أوامر الله ورسوله يدلان على الوجوب، ونحن لا ننازع في ذلك؛ إنما ننازع في مقتضى اللفظ لغة.

وأجاب: بأنهم متى سَلَّموا ذلك حصل المقصود؛ إذ المطلوب معرفة مقتضى أوامر الله وأوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وغرضنا من إيراد هذا السؤال: أنه قد يؤخذ منه أن المعتزلة أو أن الشيخ أبا إسحاق اعتقد أنهم لا يخالفون في أن أوامر الله وأوامر رسوله - عليه الصلاة والسلام - تقتضي الوجوب (٧)،


(١) يُنظر: التمهيد (٢/ ١١٦).
(٢) يُنظر: المرجع السابق (٢/ ٣٣٠ - ٣٣١).
(٣) يُنظر: التمهيد (١/ ٢٧٥).
(٤) إشارة إلى مسائل الأفعال؛ حيث تعجب أيضًا من قول أبي الخطاب. يُنظر: المسودة (ص: ٥٤).
(٥) يُنظر: المرجع السابق (ص: ٩٥).
(٦) (١/ ٢٠٨).
(٧) وقد علق محقق الإبهاج في تكملة هامش (٢) من (٤/ ١٠٤٧) - بعد أن ذكر جواب أبي إسحاق كاملاً من شرح اللمع-: "فتبين بالجواب الثاني أن أبا إسحاق - رحمه الله تعالى - لا يعتقد هذا الاعتقاد الذي ذكره الشارح - رحمه الله تعالى -، وأعجب كيف فات على الشارح قراءة الجواب الثاني الذي فيه بيان معرفة أبي إسحاق أن هذا السؤال لا يصح من المعتزلة؛ إذ هو مخالف لمذهبهم، وإنما جوابه في الأول على سبيل التنزيل والتسليم، والسهو لا يكاد يسلم منه أحد".
*قلت: وأنت إذا تأملت كلام الشارح ابن السبكي لا تجده يقول: إن الشيخ أبا إسحاق يعتقد أن المعتزلة لا يخالفون في أن أوامر الله وأوامر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأنها تقتضي الوجوب؛ وإنما هو يدفع وهمًا قد يقع في قراءة كلام الشيخ أبي إسحاق فيُظن أنه يقول ذلك ويعتقده.

<<  <   >  >>