للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبدالرحمن بن عوف عثمان على اتباع سنة الشيخين أبي بكر وعمر (١)، ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة، مع أن المقلد كان أهلاً للاجتهاد، فصار ذلك إجماعًا.

وأما المعقول فهو أنه لا يقدر باجتهاده على غير الظن، واتباع المجتهد فيما ذهب إليه مفيد للظن، والظن معمول به في الشرعيات -على ما سبق تقريره-، فكان اتباعه فيه جائزًا" (٢).

• بيان الاستدراك:

استدرك الخصم على المانعين التقليد للمجتهد في المسائل التي لم يجتهد فيها في قولهم: القول بجواز التقليد حكم شرعي، والحكم الشرعي لابد له من دليل، والدليل لم يوجد: بأن الدليل قد وجد من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، ودليل الكتاب والسنة والإجماع واضح.


= بنت صَفوَانَ- عن عبيد بن رِفاعَةَ عن أبيه رِفاعَةَ بن رافِعٍ قال: بينما أنا عند عُمرَ بن الخَطَّابِ - رضي الله عنه - إذ دخل عليه رجُلٌ فقال: يا أمير المؤمنين، هذا زيد بن ثابت يُفتِي الناس في المسجد بِرَأيِهِ في الغُسْلِ من الجَنَابَةِ. فقال عُمرُ: علَيَّ بهِ. فجاء زَيدٌ، فلما رآهُ عُمرُ قال: أيْ عدُوَّ نَفسِهِ، قد بَلَغتَ أنْ تُفتِيَ الناس بِرَأيِك! فقال: يا أمِيرَ المؤمنين، واَللَّهِ ما فعَلْت؛ ولَكِنْ سمِعْت من أعْمَامِي حدِيثًا فحَدَّثْت بهِ من أبي أيُّوبَ ومِنْ أُبيِّ بن كعْبٍ ومِنْ رِفاعَةَ. فقال عُمرُ: علَيَّ بِرِفاعَةِ بن رافِعٍ. فقال: قد كنتم تفعلون ذلك إذا أصَابَ أحدكم الْمرْأَةَ فأَكْسَلَ أنْ يغْتَسِلَ؟ قال: قد كنا نفعلُ ذلك على عهْدِ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لم يأْتِنَا فيه عن الله تحْرِيمٌ، ولم يكُنْ فيه عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شيْءٌ. فقال عُمرُ: ورَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعلَمُ ذلك؟ قال: ما أَدْري. فأَمر عمَرُ بجمعِ المهاجرين والأَنصارِ، فَجمِعُوا فشاورهم، فشَارَ الناس أنْ لا غسْلَ إلّا ما كان من معَاذٍ وعلي؛ فَإِنَّهمَا قالَا: إذا جاوزَ الْختَانُ الْختَانَ وجَبَ الْغسْلُ. فقال عمَرُ: هذا وَأَنْتمْ أَصحَابُ بَدرٍ قد اخْتَلَفْتمْ، فمن بعدكم أشَدُّ اختلافًا. فقال عَليٌّ: يا أَميرَ الْمؤْمِنِينَ، إنّهُ ليس أحدٌ أعلمُ بهذا من شَأنِ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من أزواجهِ، فأرسلَ إلى حَفصَةَ. فقالت: لا علمَ لي. فأرسلَ إلى عَائشَةَ، فقالت: إذا جاوزَ الْختَانُ الْختَانَ فقد وجَبَ الْغسْلُ .. فقال: لا أسمعُ بِرَجلٍ فعلَ ذلك إلّا أوجعتهُ ضَربًا". مصنف ابن أبي شيبة، ك: الطهارات، من قال: إذا التَقَى الخِتَانَانِ فقد وجَبَ الغُسْلُ، (١/ ٨٥/ح: ٩٤٧).
(١) سبق تخريجه.
(٢) يُنظر: الإحكام للآمدي (٤/ ٢٤٧ - ٢٥١).

<<  <   >  >>