للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإمام أحمد بن حنبل (١).

والمختار: جوازه. وقد احتج الأصحاب بحجج ضعيفة ... ومنهم من احتج بقصة إبراهيم - عليه السلام -، وأمر الله له بذبح ولده، ونسخه عنه بذبح الفداء، ... وهذا أيضًا مما يضعف الاحتجاج به جدًّا؛ غير أنه قد وجه الخصوم على هذه الحجة اعتراضات واهية لا بد من ذكرها والإشارة إلى الانفصال عنها تكثيرًا للفائدة، ثم نذكر بعد ذلك وجه الضعف في الآية المذكورة (٢).

أما الأسئلة فأولها: أنهم قالوا: إن ذلك إنما كان منامًا لا أصل له؛ فلا يثبت به الأمر؛ ولهذا قال: إني أرى في المنام ...

والجواب عن الأول: أن منام الأنبياء فيما يتعلق بالأوامر والنواهي وحي معمول به، وأكثر وحي الأنبياء كان بطريق المنام، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن وحيه كان ستة أشهر بالمنام (٣)؛ ولهذا قال - عليه السلام -: «الرُّؤْيا الصَّالحَةُ جُزءٌ من ستَّةٍ وَأَرْبَعينَ جُزءًا من النُّبُوّةِ» (٤)، فكانت نسبة الستة أشهر من ثلاث وعشرين سنة من نبوته كذلك، ويدل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما احْتلَمَ نبِيٌّ قطُّ» (٥)، يعني ما تشكل له الشيطان في المنام على


(١) وهو قول أبي الحسن التميمي. يُنظر قوله في: العدة (٣/ ٨٠٨)؛ المسودة (ص: ١٤٦) وفيها: أن أبا الحسن قال بالرأي الأول أيضًا. وأما ظاهر كلام الإمام أحمد وما اختاره ابن حامد والقاضي وأبي الخطاب وابن قدامة جواز ذلك، فيُنظر على الترتيب: العدة (٣/ ٨٠٧)؛ التمهيد في أصول الفقه (٢/ ٣٥٥)؛ روضة الناظر (١/ ٢٣٥).
(٢) أي: وجه الضعف في الاستدلال بالآية.
(٣) حديث عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: «أوَّلُ ما بدِئَ بهِ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من الْوحْيِ الرُّؤْيا الصّادِقَةُ في النّوْمِ؛ فكَانَ لا يرَى رُؤْيا إلا جاءَتْ مثْلَ فلَقِ الصّبْحِ». يُنظر: صحيح البخاري، ك: التَّعبِيرِ، ب: أوَّل ما بدِئَ بهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوَحْيِ الرُّؤيَا الصّالِحَةُ، (٦/ ٢٥٦١/ح: ٦٥٨١).
(٤) يُنظر: صحيح البخاري، ك: التعبير، ب: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، (٦/ ٢٥٦٤/ح: ٦٥٨٨)؛ صحيح مسلم، ك: الرؤيا، (٤/ ١٧٧٤/ح: ٢٢٦٣).
(٥) رواه الطبراني من قول ابن عباس: «ما احْتلَمَ نبِيٌّ قطُّ؛ إنما الاحْتلامُ منَ الشّيْطَانِ»، يُنظر: المعجم الكبير (١١/ ٢٢٥/ح: ١١٥٦٤)؛ المعجم الأوسط (٨/ ٩١/ح: ٨٠٦٢).
قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عبدالكريم بن أبي ثابت وهو مجمع على ضعفه. مجمع الزوائد (١/ ٢٦٧)

<<  <   >  >>