للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتعقبه الأبياري مستدرِكًا: "أما قوله: إن مالكًا - رحمه الله - التزم مثل هذا؛ حيث جوَّز لأهل الإيالة القتل في التهم العظيمة، وهذا الذي ذكره عن مالك لم يقف عليه، ولا يعترف به أصحابه ... " (١).

وتعقبه كذلك القرافي بقوله: " ... وكذلك ما نقله (٢) عن الإمام في البرهان من أن مالكًا يُجيز قتل ثلث الأُمة لصلاح الثلثين، المالكية ينكرون ذلك إنكارًا شديدًا، ولم يوجد في كتبهم؛ إنما هو في كتب المخالف لهم ينقله عنهم، وهم لم يجدوه أصلاً" (٣).

• بيان الاستدراك:

هذا الاستدراك مركب من استدراكين؛ وهما:

الاستدراك الأول: استدرك الإمام الجويني على الإمام مالك فتواه: قتل ثُلث الأُمة لصلاح الثلثين بطريق المصلحة المرسلة (٤)، فاستدرك عليه الجويني بأن هذه مصلحة مُلغاة (٥)؛ لأن السلف يتحرزون من القتل، ولا يُريقون دمًا حتى يشهد أصل من الشريعة بجوازه.

الاستدراك الثاني: استدراك الأبياري والقرافي على الإمام الجويني عدم صحة النقل، فاستدراك الجويني لم ينقله من كتب الإمام مالك أو كتب المالكية


(١) التحقيق والبيان في شرح البرهان في أصول الفقه (٤/ ١٧٦).
(٢) أي التبريزي، فكلام القرافي تعليقًا على حكايته، ولم أجد نقل التبريزي لكلام إمام الحرمين في تنقيح المحصول.
(٣) نفائس الأصول (٩/ ٤٠٩٢).
(٤) المصلحة المرسلة: هي التي لم يشهد الشارع لها بالاعتبار ولا بالإلغاء بدليل خاص، ويعبر عنها بالمناسب المرسل. يُنظر: الأحكام للآمدي (٤/ ١٩٥)؛ نهاية السول (٢/ ٨٥٩)، ويعبر عنها بعض الأصوليين بالاستصلاح، والمناسب المرسل، والقياس المرسل. يُنظر: المستصفى (٢/ ٤٧٨)؛ روضة الناظر (١/ ٤٧٨).
(٥) المصلحة المُلغاة: هي المصلحة الموهومة التي ألغاها الشارع، ولم يعترف بها، وشهد لها بالبطلان. يُنظر: المستصفى (٢/ ٤٧٩)؛ نهاية السول (٢/ ٨٥٦)؛ معجم مصطلحات أصول الفقه (ص: ٤١٤).

<<  <   >  >>