فقد جعل لنا طريقاً إلى ذلك، فيلزمنا العمل به. إلا أنا نعذر في الخطأ لغموضه.
وقولهم: لو كان عليه دليل لفسق مخالفه ومنع من الفتوى ونقض الحكم به- قلنا: لا يلزم ما ذكرتموه، وإن كان على الحكم دلالة قاطعة. ألا ترى أن كثيراً من المسائل يستدل عليها بالنصوص نحو الترتيب في الوضوء، وغيره. لأن كل فريق يستدل بالآية. ففريق يقول: إن الواو للترتيب. وفريق يقول: أن الواو لا توجب الترتيب. وكل ذلك طريقه العلم، ولا يفسق قائله وساغ الفتوى بكل واحد من القولين. على أنه ليس كل خطأ دل الدليل عليه، فهو فسق، بل قد لا يكون فسقاً لغموض الدليل عليه.
وأما المنع من الفتوى ونقض الحكم، فذلك بالمناظرة والإيضاح والاجتهاد: يناظر بعضهم بعضاً.
وأما الرابع- قلنا: المكلف يكلف بالاجتهاد لا بإصابة الحق. وهو واحد. وقد نصب الله تعالى عليه الدلائل ومكنه من الوصول إليه. فإذا اجتهد وأصاب الحق فله أجران: أجر بذل المجهود في طاعة الله تعالى بالاجتهاد، وأجر إصابة الحق. وإن أخطأ فله أجر واحد، وهو أجر بذل المجهود في طاعة الله تعالى، وهو مغفور في الذهاب عن حكم الله تعالى كما نطق به الحديث الذي رويناه.