والثاني- أن يتعارض عنده دليلان ويعسر عليه الترجيح، فيستقصي بالمناظرة والمباحثة على طلب الترجيح.
وثالثها- أن ينبه الخصم على طريقة الاجتهاد، حتى لو أفسد ما عنده لا يتوقف، ولا ينجبر ويرجع إلى طريقه.
ورابعها- أن يعتقد أن مذهبه أثقل وأشق، وهو لذلك أفضل وأجزل ثواباً، ويسعى في استخراج الخصم من الفاضل إلى الأفضل.
وخامسها- أن يستفيد هو وخصمه طريق النظر في الدلائل القاطعة حتى يستوفى بالظنيات إلى ما الحق فيه واحد، من الأصول والكلام، فيتمكن به من النظر الذي هو فرض عين في حقه، أو فرض كفاية- على ما عرف.
وسادسها- أن كل مجتهد من المجتهدين غلب على ظنه أن أمارته أقوى من أمارة خصمه، فيتناظران في ذلك. وإن كان فرض خصمه ما هو عليه. ولكن إذا أبان له أن أمارة من ناظره أقوى تغير فرضه وصارت مصلحته قران الحكم بالأمارة الأخرى. فإن قيل: فما فائدة من ناظره في أن يتغير فرضه- قلنا: كثرة الثواب بإرشاد خصمه إلى أقوى الأمارتين.
والمخالف احتج في المسألة بأشياء:
١ - منها- قوله تعالى:[وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ- إلى قوله: وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً] فلو كان أحدهما مخطئاً، لم يكن الذي قاله عن علم.