فإن قيل: المراد منه من الوجوه التي بيناها: دل عليه أنه أوجب الأجر مع الخطأ، وكيف يستحق الأجر مع الخطأ في الحكم- قلنا: أما الأول فجوابه ما مر. وأما استحقاق الأجر فلأنه يصيب فيما فعله من الاجتهاد المكلف به مغفور له ما وراء ذلك، إلا أن الاعتراض على التعلق به ما مر.
٤ - ومنها- أن تصويب المجتهدين أجمع لا يتم إلا بتناقض صريح. فإن من المجتهدين من يخطئ تصويب المجتهدين، ليلزمكم تصويبه: تصويب من يخطئ، المصوب للكل، وهو تخطئة الشيء مع تصويبه، وهذا تناقض صريح. إلا أن لقائل أن يقول: نحن نصوب المجتهد في الفروع، وهذا من الأصول، فلا يلزمنا التصويب، فلا يؤدى إلى التناقض.
٥ - ومنها- أنه لو كان المجتهدون على اختلافهم مصيبين لم يكن في مناظرة بعضهم بعضاً معنى، لأن كل واحد منهم يعتقد أن الآخر قد أدى اجتهاده إلى ما كلف به، واختار حكم الشرع، فما وجه مناظرته لهم. ونحن نعلم أن كل واحد منهم يناظر صاحبه ليرده عما هو عليه: فلو كان مصيباً به لكان ذلك مردوداً عن الصواب.
إلا أن لقائل أن يقول: في المناظرة فوائد مع تصويب المجتهدين كلهم:
أحدهما- أنه يجوز أن يكون في المسألة دليل قاطع من نص أو ما هو في معنى النص أو دليل عقلي قاطع فيما يتنازع فيه من تحقيق نقاط الحكم، وبالمناظرة يكشف انتفاء ذلك.