مخطئ غيره، فوجب أن يكون مصيباً في تخطئته، فيكونان بأجمعهم مخطئين مصيبين، وهو محال.
والدليل على فساد قول الفريق الثاني- أن أدلة الإصابة في أصل الدين ظاهرة. وهي قاطعة لا ظنية. فإن الآيات الدالة على حدث العالم وقدم الصانع والمعجزات الدالة على صدق الرسل واضحة قطعية، فلا يعذر من لا يعتبرها. ولأنه قد تواتر من النبي عليه السلام وكافة المسلمين أن سائر أهل الملل في النار إلا واحدة.
وأما في الفروع:
قال عامة أصحابنا: أن كل مجتهد مصيب في حق العمل، حتى يجوز له العمل باجتهاده. فإن أصاب الحق كان مأجوراً. وإن أخطأ كان معذوراً، وهو مأجور على اجتهاده- لقوله عليه السلام:"المجتهد إن أصاب الحق فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد".
وهو قول بعض المتكلمين: إلا أن بعضهم قالوا كما قلنا. وقال بعضهم: إن أخطأ فهو مأزور غير معذور.
وقال عامة المتكلمين: كل مجتهد مصيب، لما هو الحق في الحقيقة، والحق عند الله تعالى حقوق.
وقيل: هذا أحد قولي الأشعري. والقول الثاني ما قلناه. وفى المسألة أقاويل آخر ووجوه كثيرة من الكلام. لكنا نذكر المذهب المختار المرضى الملخص من الجملة، فنثبت أن الله تعالى في كل حادثة حكماً واحداً، وهو الحق الذي